مدارات

الاقتصاد التشاركي.. قوة صاعدة في الصين

متابعة – طريق الشعب
كشفت تقارير صينية حديثة ان حجم المعاملات بالاقتصاد التشاركي في الصين بلغ سنة 2016 حوالي 500 مليار دولار، وتوقعت أن يحقق هذا القطاع نموا بنسبة 40 في المائة سنويا على مدى خمسة أعوام مقبلة. وأعلنت شعبة المعلومات الصينية في وقت سابق أنه بحلول عام 2020، يمكن أن يمثل قطاع الاقتصاد التشاركي أكثر من 10 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.
وتقوم فكرة الاقتصاد التشاركي على طرح أصول مادية للاستخدام العام بواسطة تطبيقات إلكترونية تحمل عبر الهواتف الذكية، حيث يمسح المستخدم "كودا" خاصا بالتطبيق يكون ظاهرا على السلعة، مثل الدراجة أو المظلة، وبمجرد استخدامه يقتطع مبلغ يسير من رصيده البنكي المرتبط بالهاتف. وقد دفعت سهولة تقنية الاقتصاد التشاركي وسرعة انتشارها العديد من أصحاب رؤوس الأموال إلى الاستثمار في هذا القطاع، وكانت الدراجات التشاركية أبرز التجارب.
وفي العام الماضي شارك أكثر من 600 مليون شخص في تطبيقات تشاركية في الصين، مما أدى إلى خلق نحو 5.85 مليون فرصة عمل.
وكانت فكرة الاقتصاد التشاركي قد انطلقت قبل نحو عامين، حين أقدم شبان في مدينة شنغهاي على ابتكار تطبيق يمكّن الطلاب من المشاركة في استخدام دراجات هوائية لتجاوز الأزمات المرورية، مقابل مبلغ زهيد من المال.
ازدهار السوق
ولاقت الفكرة إقبالا كبيرا من الصينيين، حيث تجاوز عدد مستخدمي الدراجات التشاركية منذ إطلاقها في الصين 100 مليون مستخدم. ومن المتوقع أن يصل العدد في نهاية العام الحالي إلى 200 مليون مستخدم، وفق المركز الصيني للمعلومات.
وعزا عميد كلية الاقتصاد بجامعة "جينان" دونغ يي ازدهار الاقتصاد التشاركي في الصين إلى رؤوس الأموال الكبيرة، واتساع السوق الاستثمارية في البلاد، مما دفع المستثمرين إلى ضخ مبالغ طائلة، وأضاف أن إطلاق التطبيقات التشاركية ساهم في الترويج لعدد كبير من السلع البسيطة والصغيرة، مثل المظلات وكرات السلة والكتب والدراجات الهوائية.
ونتيجة لذلك أقبل المستثمرون على إعادة إنتاج هذه السلع في حلة جديدة وضمن نظام تشاركي، مما أدى إلى ضخ مئات الآلاف منها في الأسواق المحلية. لكن دونغ يي أشار إلى أن اتساع نظام التشارك وسهولة الانخراط فيه أديا إلى تهور عدد كبير من المستثمرين في طرح ممتلكات خاصة للتشارك عبر المنصات الإلكترونية، مثل السيارات الخاصة والغرف المنزلية وحتى الثياب كالقمصان والبدلات الرسمية.
صور التشارك
وبعد النجاح الكبير الذي حققته في الصين، بدأت شركة "موبايك" الشهر الماضي بتشغيل دراجاتها في مدينة مانشستر البريطانية، وقد بلغت قيمتها السوقية خلال زمن قياسي 2.5 مليار دولار.
ومن صور التشارك كذلك الغرف الرياضية التي أطلقت في العاصمة بكين منذ مطلع الشهر الجاري، حيث تنتشر في شوارع العاصمة غرف مغلقة لا تتجاوز مساحتها مترين، يوجد فيها جهاز رياضي يستخدم عبر تطبيق خاص. و تنتشر غرف في المجمعات التجارية الكبيرة مزودة بشاشات إلكترونية وسماعات وميكروفونات، لغرض الغناء على طريقة الـ "كي تي في". كما أطلقت مكتبات عامة تشاركية باستخدام نفس التقنية، ومظلات ومزودات كهربائية لشحن الهواتف الذكية، بالإضافة الى كرات السلة والدراجات النارية والسيارات الصغيرة، وبعض الإكسسوارات الفاخرة.
في المقابل وجهت سهام النقد الى المستثمرين بسبب الأزمات التي خلقتها التقنيات التشاركية، وكشفت عن مدى فداحة التعامل مع بعض السلع والخدمات.
ويرى مراقبون أن هذه "أزمات سلوكية"، مما دفع البعض الى التساؤل عن مدى استعداد المجتمع الصيني لتقبل فكرة المشاركة. ويعتقد هؤلاء أن هناك حاجة إلى الاستثمار في الإنسان أولا، وتدريب المواطن في بلد اشتراكي على الممارسة التشاركية.