مدارات

كولومبيا .. الحركة المسلحة تتحول إلى حزب سياسي

رشيد غويلب
بعد أكثر من 50 عاما من الكفاح المسلح، تحولت حركة "القوات المسلحة الثورية الكولومبية - جيش الشعب" رسميا إلى حزب سياسي. وفي الفترة 28 آب – 1 ايلول انعقد مؤتمر التأسيس فى مركز المؤتمرات بالعاصمة الكولومبية بوغوتا. وبالإضافة إلى المندوبين، حضر جلسات المؤتمر 200 ضيف من مختلف قطاعات المجتمع الكولومبي والعشرات من ممثلي قوى اليسار في البلدان الأخرى. وفي يوم الجمعة الأول من ايلول اختتم المؤتمر بمهرجان سياسي – ثقافي في ساحة بوليفار في مركز العاصمة الكولومبية، شارك فيه 10 آلاف مواطن.
ناقش 1200 مندوب اسم الحزب ورؤيته الفكرية وبرنامجه لتحقيق هدفه التاريخى المتمثل بـ "التحول السياسى الجذري للمجتمع" فى ظل الظروف الجديدة. واوضح ايفان ماركيز عضو قيادة "فارك"، ان الحركة تخلت عن العمل المسلح ولكنها ستواصل نضالها العلني السلمي لتحقيق اهدافها. ويعكس احتفاظ الحزب الجديد بالاسبانية بمختصر الأسم السابق للحركة المسلحة "فارك" التأكيد على الاستمرار في النضال من اجل اهدافها السياسية. وتمخضت مناقشة المقترحات المطروحة لاسم الحزب الجديد عن تصويت اكثرية نسبية لصالح تسمية "قوة الشعب البديلة الثورية". وقد اشار عضو القيادة الوطنية للحركة المسلحة ايفان ماركيز الى ان "هناك علاقة بالتاريخ الثوري للحركة". وتم اختيار وردة حمراء تتوسطها نجمة حمراء كشعار للحزب الجديد.
البحث عن التحالفات
تشدد الوثيقة البرنامجية على هوية الحزب الجديد باعتباره حزبا ماركسيا، يتبنى سياسة تسعى الى سلام ثابت في مجتمع العدالة الاجتماعية الديمقراطي. واكد قائد السكرتارية الوطنية السابقة للحركة رودريغو لوندونيو إشيفيري المعروف باسمه الحركي تيموشينكو، في افتتاحه للمؤتمر، على العمل مع جميع من يريدون السلام ويعتمدون تكتيكا مرنا لتشكيل تحالفات واسعة: "يجب علينا أن نستوعب الوعي الحقيقي بكامل اتساعه، وأن نطرح للشعب مقترحات واضحة وبسيطة - بدون دوغماتية، وبدون تعصب، ودون استعراض أيديولوجي". وهذا النهج لاغنى عنه لحزب يبحث عن تحالفات وسبل لتنفيذ اتفاق السلام، على حد تعبير القائد السابق لحركة الكفاح المسلح.
وفي المؤتمر الصحفي الذي عقده في اعقاب المؤتمر، ابرز ايفان ماركيز الطابع الثوري للمشروع. ان البرنامج والأفكار والمقترحات المطروحة تهدف الى تعزيز السلام والمشاركة في انتخابات العام المقبل: " لقد دخلنا ساحة العمل العلني لاننا نريد تشكيل الحكومة او المشاركة فيها" ولأجل ذلك "علينا التنسيق وبلورة مقترحات جماعية لصياغة برنامج انتخابي يوحدنا" . وشدد "سنواصل الالتزام بتنفيذ معاهدة السلام ونأمل أن تفعل الدولة الشيء نفسه".
ومعروف ان الحكومة والبرلمان لم ينفذا سوى جزء من الاتفاقات التي تم التوصل إليها في معاهدة السلام. ولم تشرع القوانين الضرورية لتنفيذ ما اتفق عليه بشأن السلام والعفو والإصلاح الزراعي والمشاركة السياسية. وان ضمان سلامة مقاتلي الحركة السابقين لا يزال غير كاف. وقامت المليشيات اليمينية، في النصف الأول من العام الحالي فقط باغتيال 24 مقاتلا سابقا، و52 ناشطا في الحركات الاجتماعية.
انتخاب قيادة الحزب الجديد
انتخب المندوبون القيادة الوطنية للحزب الجديد، التي تتكون من 111 عضوا، منهم 26 امرأة. وحصل ايفان ماركيز، واسمه الحقيقي لوتشيانو مارين أرانغو على اعلى الأصوات (888 صوتا). واصبح أرانغوا خلال الشهور الأخيرة، واحدا من ابرز الوجوه المعروفة في الحركة. وكان قائدا لقسم الكاريبي، وعضو سكرتارية الحركة المسلحة، واصبح معروفا عالميا بسبب رئاسته وفد الحركة لمفاوضات السلام مع الحكومة الكولومبية، التي استضافتها كوبا. وسيسمي الحزب ممثليه في البرلمان ومجلس الشيوخ في تشرين الثاني المقبل. وكانت اتفاقية السلام، قد ضمنت للحركة 5 مقاعد في كلا جناحي السلطة التشريعية، لا يتمتعون بحق التصويت، تمهيدا للاشتراك في الانتخابات العامة المقبلة.
من أجل رؤية نسوية للحزب الجديد
في اطار التحضير للمؤتمر التأسيسي صاغت عضوات الحركة المسلحة وثيقة تضمنت رؤيتهن لسياسة الحزب بشأن قضايا المرأة والجندر باعتبارهما ضرورتان لتحقيق التحول المجتمعي. دعت الوثيقة الى ازالة الممارسات العملية المرتبطة بالهيكلية الأبوية للمجتمع، التي تدعم عدم المساواة في المجتمع الرأسمالي. وان تبني مطالب الحركة النسوية هو التزام اخلاقي – سياسي للنضال من اجل التوزيع العادل للثروة، وازالة الاستغلال، بما في ذلك الاستغلال الجنسي. وطالبت الوثيقة الحزب الجديد برفض كل اشكال العنف ضد النساء، وجميع اشكال الاضطهاد القائمة في المجتمع لاسباب جنسية.