مدارات

بمناسبة يوم التغذية العالمي واليوم العالمي للقضاء على الفقرالجوع وسوء التغذية في تزايد / رشيد غويلب

عرضت منظمة (مساعدة جائعي العالم) الالمانية، ومعهد بحوث السياسات الغذائية في واشنطن في الرابع عشر من تشرين الاول الجاري، عرضتا، في العاصمة الالمانية برلين، تقرير الجوع لعام 2013. وتشير الوثيقة الى تراجع عدد الجائعين في العالم في الثلاثين سنة الاخيرة، وعلى الرغم من ذلك فان كل واحد من ثمانية افراد يعاني من سوء التغذية.
وأوضحت بيربل ديكمان رئيسة "منظمة مساعدة جائعي العالم"، ان هناك 842 مليون جائع في العالم، وان هذه الفضيحة نتجت عن التوزيع السيئ للغذاء: "هذه فضيحة لان العالم يحتوى على كميات كافية من الاغذية، ولكن ليس هناك نجاح في عدالة التوزيع". وحملت ديكمان البلدان الصناعية مسؤولية الواقع القائم: دعم الصناعة الزراعية، والرسوم المنخفضة على الاستيراد، والنقص في محاولة احتواء التغييرات المناخية، تؤدي الى ازدياد الوضع سوءا في البلدان الفقيرة. وبشأن سياسات اللجوء الأوروبية، اكدت ديكمان وجود 20 مليون انسان في العالم هاربين من الحروب، اضافة الى 100 مليون يهربون من الجوع والكوارث الطبيعية، ولهذا فان وصول 37 الف لاجئ الى اوروبا، يمثل رقما صغيرا.
والسؤال المركزي، الذي يطرحه التقرير، يتمثل في الكيفية التي تؤدي الى تقوية مكافحة الدول والمجتمعات للجوع. وهذه المرة الاولى التي يحتل فيها هذا السؤال في الوثيقة موقعا مركزيا، على الرغم من عدم الوضوح في الكيفية التي يمكن ان يتعامل بها الناس مع الجوع والأزمات الغذائية. وعلى سبيل المثال يمكن لادارة ناجحة وبنى تحتية قوية في اعقاب الكوارث الطبيعية ان تقلل من تأثيراتها، من خلال سرعة وصول المساعدات، ورفع معدل فائدتها في المناطق المنكوبة. ويرى واضعو التقرير ضرورة ان تحتل قضية تعزيز المقاومة موقعا مركزيا في الجهود المبذولة لمكافحة الجوع. ويجب ان يكون هناك تكامل افضل بين المساعدات الانسانية وسياسات التنمية.
وتعزو ديكمان انخفاض معدلات الجوع في السنين الاخيرة الى تعزيز مكافحة الجوع. ومقارنة بعام 1990، حقق 23 بلدا تقدما واضحا في مكافحة الجوع، اذ وصل انخفاض معدلات الجوع في هذه البلدان الى 50 في المئة، او اكثر بقليل. وتضم هذه المجموعة بلدان امريكا اللاتينية، تايلند، وفيتنام. وما زال الوضع حرجا في بعض بلدان جنوب آسيا، وبعض البلدان الافريقية. واسوأ المعدلات نجدها في بروندي، اريتريا، والكاميرون، وبهذا الخصوص تقول ديكمان: "ان من يحصل على اقل من دولارين في اليوم، ليس بإمكانه معالجة اية حالة مرض في العائلة، وليس بمقدوره تحمل فقدان محاصيل الموسم. والناس لا يملكون الموارد اللازمة لمواجهة تحديات جديدة".
وهناك ملاحظات على المعطيات المستخدمة في اعداد التقرير، لانها تعود الى سنوات سابقة، وتقول كونستانسه باولي احد واضعي التقرير "هناك دائما عودة للسنوات القريبة الفائتة". ان المعطيات المستخدمة في اعداد تقرير 2013 تعود لسنوات 2008 - 2012. وكذلك تتمنى "منظمة مساعدة جائعي العالم" معطيات حديثة لبعض البلدان. وهناك بلدان لا تتوفر اصلا معطيات بشأنها. ويستند واضعو التقرير على احصائيات المنظمة العالمية للطفولة "اليونيسيف"، منظمة الامم المتحدة للزراعة والتغذية "الفاو"، ومنظمة الصحة العالمية، وتلعب ثلاثة مؤشرات دورا حاسما في اعداد التقرير وهي: نسبة نقص التغذية الى عدد السكان، سوء تغذية الاطفال، اي نسبة الاطفال دون سن الخامسة، الذين يعانون نقصا في الوزن، ونسبة الوفيات بينهم. وبمناسبة يوم التغذية العالمي، واليوم العالمي لمكافحة الفقر، اللذين مرا في 16 و17 تشرين الاول الحالي على التوالي صرحت الرئيسة المناوبة لحزب اليسار الالماني كاتبا كيبنغ لوسائل الاعلام:" في كل ثلاث ثوان يموت انسان بسبب الجوع وسوء التغذية. ويعاني 870 مليون انسان من الجوع. مقابل فقدان، او اتلاف 1.3 مليار طن من الاغذية سنويا. وهذا يعادل ثلث انتاج الاغذية في العالم. ويكفي 0.24 في المئة فقط، من الناتج الاجمالي العالمي للبلدان الغنية لاستئصال الجوع.
وتقدم المانيا، باعتبارها البلد الأغنى في أوربا 0.4 في المئة فقط من انتاجها الاجمالي المحلي لمساعدات التنمية. وتنوي المانيا، حتى عام 2015، زيادة حصتها الى 0.7 في المئة. واذا ما أقدمت الحكومة الألمانية وحكومات البلدان الغنية على ذلك، لأمكنت مواجهة اسوأ مخلفات الجوع، الفقر، والفاقة. وإذا ما أعيدت لسكان البلدان الفقيرة حقوقهم واستقلالية سياسة التغذية فيها، بدلا من استغلالها وفرض الاملاءات عليها، لاستطاعت هذه البلدان تطوير اقتصادها المستدام، والتمتع بحياة صحية، وسوف لا يحتاج المهاجرات والمهاجرون إلى المخاطرة بحياتهم سواء في البحر الأبيض المتوسط، أو في أي مكان آخر".