مدارات

تركيا .. بدء محاكمة زعيم حزب "الشعوب الديمقراطي"

رشيد غويلب
قبل عام من الآن كان يجب أن يكون صلاح الدين ديميرتاس، الزعيم المشارك لحزب "الشعوب الديمقراطي" (الذي يضم قوى يسارية كردية وتركية، ومعروف بقربه من حزب العمال الكردستاني)، احد الشخصيات المساهمة في مؤتمر روزا لوكسمبورغ الأممي، الذي ينظم سنويا في العاصمة الألمانية برلين. ولكن ذلك لم يحدث ، فقد اعتقلته وحدات خاصة من الشرطة التركية قبل وقت قصير من مغادرته الى برلين. وقد اتهم ديميرتاس، الذي يعرف منذ فترة طويلة بأنه أحد أبرز ممثلي المعارضة اليسارية ضد دكتاتورية أردوغان، بالانتماء إلى منظمة "إرهابية"، في اشارة إلى حزب العمال الكردستاني،احد اهم القوى المطالبة بحقوق الشعب الكردي في اطار الدولة التركية. وقد دأبت حكومة اردوغان على استخدام هذه الذريعة لإسكات اصوات المعارضة.
وفي بداية كانون الأول الفائت، بدأت المحاكمة في اسطنبول، وفي يوم الجمعة الفائت، وبعد مرور 14 شهرا من اعتقاله، كان ديميرتاس يواجه قاضيا للمرة الأولى. واستغرقت الجلسة ساعتين فقط. ولم يحضر دميرتاش المسجون في أدرنة شمال غربي البلاد منذ اعتقاله، الجلسة شخصيا ،لأن المحكمة قررت أن يدلي بإفادته عبر الفيديو المباشر من السجن. وقال القاضي إن المتهم رفض القيام بذلك. وحددت المحكمة 14 شباط موعدا لجلسة المحاكمة المقبلة، واستمرار حبس المتهم إلى 17 ايار 2018 . إن تأخير الإجراءات هو تكتيك يستخدم على نطاق واسع في تركيا: فالمتهم غالبا ما يبقى عدة أشهر، وأحيانا سنوات قيد الاحتجاز، ولا يسمح له بالتواصل مع الراي العام. واعترض محامو دميرتاش على التهم الموجهة إلى موكلهم مؤكدين أنه لم يمارس سوى نشاطات سياسية مشروعة، وطالبوا بإسقاط الملاحقات ضده وإطلاق سراحه. لكن النيابة طلبت مواصلة توقيفه.
إن الوضع القانوني لدميرتاس يشبه ضحية مختطفة، كما يقول ايوب دورو ممثل حزب الشعوب الديمقراطي في اوربا. واضاف "حتى الان لم يتم اصدار لائحة اتهام ضد رئيس حزبنا المشارك. واضاف ايوب الذي تعرض نفسه للاضطهاد السياسي في تركيا ، انه على الرغم من انه عضو في البرلمان، فقد تم احتجازه بشكل غير مشروع كرهينة بأمر من الرئيس التركي.
ومن المعروف إن تركيا، تحت سلطة اردوغان محكومة من نظام دكتاتوري بقميص "ديمقراطي"، نظام ديكتاتوري يعتقل الممثلين المنتخبين ورؤساء البلديات ويستبدلهم بشخصيات من الحزب الحاكم، نظام دكتاتوري يسجن أو يحظر آلاف النقابيين وممثلي منظمات المجتمع المدني والأكاديميين وموظفين.
وكان ديميرتاس قبل اعتقاله، ومعه العديد من الشخصيات الديمقراطية، قد حذروا الراي العام، وحلفاء النظام التركي في البلدان الغربية من انزلاق تركيا الى الديكتاتورية، ولكن من الواضح ان تجاهل عمليات الاعتقال غير الشرعية للنواب المنتخبين، وفقدان استقلال القضاء، وممارسات النظام التركي الأخرى لا تعني شيئا لهؤلاء.
واعتقل دميرتاش البالغ 44 عاما والمعارض للرئيس رجب طيب أردوغان، في الرابع من تشرين الثاني 2016 مع 10 من نواب حزب "الشعوب الديموقراطي"، عندما اتسعت الحملة التي أطلقتها السلطات إثر محاولة انقلاب تموز من العام ذاته لتشمل أوساطا يسارية واسعة داخل المناطق الكردية وخارجها.
وتتهم السلطات التركية حزب "الشعوب الديموقراطي" بأنه الواجهة السياسية لحزب العمال الكردستاني المحظور والذي تصنفه أنقرة “إرهابيا”.
لكن الحزب يرفض باستمرار تلك الاتهامات، مؤكدا أنه مستهدف بسبب معارضته الشديدة لأردوغان.