مدارات

الهند: جبهة لليسار والقوى العلمانية / رشيد غويلب

شهدت العاصمة الهندية نيودلهي الأربعاء الفائت مؤتمرا للقوى اليسارية والعلمانية، تمخض عن قيام جبهة وحدة الشعب ضد القوى الدينية والقومية المتطرفة. وشارك في أعمال المؤتمر 17 حزبا سياسيا بينها الحزب الشيوعي الهندي، والحزب الشيوعي الهندي (الماركسي)، والحزب الاشتراكي الثوري الهندي، وجاء انعقاد المؤتمر بدعوة من أحزاب اليسار، ومن رؤساء وزارت العديد من الولايات، ومثقفين بارزين.
وجاء في البلاغ الصادر عن المؤتمر"ان الهند هي بلد "وحدة تنوع" الأديان، اللغات، والثقافات، تواجه اليوم تهديدا خطيرا من المجموعات الدينية العنصرية المتطرفة، التي تعمل على شق مجتمع متعدد الأديان والقوميات. وتلبس المشاكل السياسية، الاقتصادية، والاجتماعية ثوبا دينيا، وتعمل على نشر التوترات بين الأكثرية الهندوسية، والأقليات الأخرى في الهند. والمحرك لهذا الصعود الخطير للتعصب في المجتمع الهندي هي الأحزاب والمنظمات الهندوسية المتطرفة مثل حزب الشعب الهندي، وعالم الهندوس، واتحاد الإرادة الهندوسية الحرة، وكذلك مجموعات إسلامية متطرفة. ويجري هذا التصعيد قبيل إجراء الانتخابات البرلمانية العامة في الربيع المقبل.
وشهدت بعض المدن الهندية في أيلول الفائت صراعا دمويا بين مجموعات هندوسية وإسلامية، أدت الى مقتل 60 ضحية، وتهجير 4 آلاف، وتجدد في الأربعاء الفائت العنف في هذه المناطق، مخلفا وراءه أربع ضحايا جدد. وفي ضوء ما حدث أكد رئيس وزراء ولاية بهار: "علينا ان نستمر بالنضال ولا نستسلم لان الناس يؤمنون بالتسامح والديمقراطية" وان مهمة الساعة تتمثل في اكبر وحدة ممكنة للقوى العلمانية.
وأكد السكرتير العام للحزب الشيوعي الهندي الماركسي براكاش كارات، قناعته بقيام منتدى ضد المتعصبين، فيما يرى الحزب الشيوعي الهندي عدم إمكانية تحقيق تحول في الواقع السياسي الاقتصادي سواء كان بقيادة حزب المؤتمر الهندي أو حزب الشعب الهندي الشوفيني، لان التطور الاجتماعي يعاني من الفساد، التضخم، العنف العنصري، ارتفاع أسعار المواد الغذائية، ارتفاع البطالة، وتأجيل القيام باصلاح زراعي. ومن جانبه وصف بيجي باتنايك رئيس وزراء ولاية اوديشا قيام جبهة ثالثة بالأمر "الصحي للديمقراطية".
وكانت ردود أفعال الحزبين الكبيرين على المؤتمر ونتائجه مختلفة، ففي حين لا يرى حزب المؤتمر الهندي في قيام الجبهة الجديدة منافسا له، لأنه يعتبر نفسه الرافعة الأساسية للعلمانية في الهند، وبالتالي فان التوافق بينه وبين الجبهة الجديدة بشأن القيم الأساسية واسع، وانه لا يمكن لحكومة "جبهة الطريق الثالث" ان تتحقق بدون دعمه. أما حزب الشعب الهندي المتطرف، فيرى في المؤتمر ونتائجه، قيام فريق ظل لحزب المؤتمر الحاكم"، الذي يعيد اسطوانة العلمانية كلما تعرض للانهيار، وان فكرة الطريق الثالث أصبحت من التاريخ، وان المساعي بهذا الاتجاه ليست إلا وهما".
لقد أرسل مؤتمر نيودلهي رسالة واضحة ومفهومة ضد العنصريين، والساعين لشق وحدة الأمة. وان المؤتمر أدى إلى تداول مصطلحين سياسيين للمرة الأولى:"العلمانية الوطنية" و "العلمانية الإقطاعية" ويعتقد رام غابال من الحزب الاشتراكي ان الخطوات الأولى قد اتخذت لإيجاد بديل لحزب المؤتمر ولحزب الشعب.