المنبرالحر

سلام على جنود العراق / جاسم الحلفي

أكثر ما يشيع فينا الألم هذه الأيام، هو الصور التي يتكرر بثها للجنود الأسرى والشهداء منهم، الذين غدرت بهم الأيدي الآثمة لقوى الإرهاب الشريرة لما يسمى «داعش»، هذه القوى التي لا وازع انسانيا او اخلاقيا يردعها عن اقتراف الجرائم النكراء. وما يثير الاشمئزاز هو الأهازيج الطائفية الرعناء التي يرددونها، وهم يطوفون الشوارع، والتي تعكس تجرد هؤلاء المجرمين من كل ما يرتبط بالكرامة الإنسانية وباحترامها.
ولنا أن نسأل: هل تكون هذه الصور آخر ما يريدون به النيل من معنويات الجيش العراقي، وهو يتصدر معركة الشعب ضد الإرهاب، أم ان علينا انتظار صور أكثر إيلاما؟ الجواب يرتبط بسرعة حسم المعركة ضد قوى الإرهاب بكافة مسمياتها. هذه المعركة التي أريد لها ان تحسم خلال ايام معدودات، كما تم التصريح في حينه، وها هي تقترب من إتمام شهرها الأول، ويبدو انها ستأخذ وقتا أطول مما توقع البعض.
ولكي لا نكرر الحديث عن المشروع الذي نتبناه لمكافحة الإرهاب، والذي يقوم على تجفيف حواضنه وموارده البشرية والمادية، عبر حزمة من الاجراءات المترابطة والمتكاملة، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية الى جانب الإجراءات العسكرية، ومن دون ان نخوض في تفاصيل الإجراءات العسكرية، التي تعتمد على الجهد الاستخباري وجمع المعلومات وفرزها وتحليلها، وعلى التدريب والتأهيل والتسليح والتخطيط، فهل من الصحيح تحويل مكان المعركة مع ما يسمى «داعش» من مخابئهم المعزولة والمرصودة في صحراء الانبار، وسحبهم الى داخل المحافظة وا?فلوجة تحديداً؟ حيث تتداخل قوى الارهاب مع المدنيين، محولين المدنيين الى سواتر بشرية، الامر الذي شكل صعوبة استثنائية امام الجيش في معركته ضد الإرهاب؛ فالجيش يحتسب بمسؤولية لأرواح المدنيين، كي لا يقعوا ضحية نيران المعركة، فيما لا تكترث قوى الارهاب لأرواح المدنين، بل تعمل على إيقاع اكبر الخسائر بهم، وهم دائما أسهل اهدافها.
من جهة أخرى، لم نشهد توظيفا مناسبا لقوى العشائر، التي تعمل مع الجيش في معركته ضد قوى الارهاب، سيما وأنهم ابناء المنطقة ويعرفون مداخلها ومخابئها وطرقها وطبيعتها، ويمكن ان يلعبوا دورا كبيرا في هذه الصفحة من المعركة، وان يشكلوا الصف الأول في المواجهة، مستفيدين من امتداداتهم العشائرية والقرائبية داخل المدن.
ولعل من اكبر الأخطاء ان يتحول تكتيك الجيش من الهجوم الى الدفاع، فموقع الدفاع موقع سلبي، يكون المهاجم فيه صاحب القرار في تحديد وقت الهجوم ومكانه، فيما المدافع لا يدري من اين ستباغته الضربة.
يتضح مما تقدم ان من الصعب تحقيق النجاح في المعركة، إذا ما اعتمدت صفحة واحدة مجتزأة من خطة الحرب ضد الإرهاب. هذه الحرب التي لا يمكن تصور احراز النجاح فيها من دون سلسلة الإجراءات سالفة الذكر، وفي مقدمتها تعزيز الوحدة الوطنية، والخروج من عنق زجاجة الأزمة التي أساسها المحاصصة، وأدواتها المتمثلة في الصراع الطائفي وتأجيجه.