المنبرالحر

الاختناقات المرورية هدفها خدمة المواطن! / مرتضى عبد الحميد

كثيرا ما نوجه اللوم الى الحكومة ومؤسسات الدولة بدون وجه حق، في العديد من الامور والمشاكل العويصة التي نعاني منها يومياً، رغم ان بعضها فيه فائدة كبيرة للعراقيين، ورغم ما يبدو فيها للوهلة الاولى من اضرار وإزعاجات وانتهاكات لابسط حقوق الانسان.
واحدة من هذه الامور التي نراها مؤذية، بل مدمرة، ومضيعة للوقت، والبعض يزيد عليها، بانها لا تليق بالعراق، وبعمقه الحضاري الضارب في جذور التاريخ، هي الاختناقات المرورية في شوارع العاصمة وبقية المحافظات، حيث يضطر الموظف والطالب والكاسب، وسائر ابناء شعبنا، الى السير على الاقدام مسافات طويلة للوصول الى دوائرهم، او مدارسهم وكلياتهم، او اماكن رزقهم، تاركين سيارات الاجرة والكيّات ووسائل النقل الاخرى، بسبب السيطرات الامنية، والاغلاق المستمر للشوارع التي هي قليلة اصلاً، ولا تتناسب مع الاعداد الهائلة للسيارات المستوردة بدون ضوابط او ضرائب، وهذه تسجل للعراق ايضاً، وللكرم المتأصل في قادته.
ومن الطبيعي ان يشعر المواطن العراقي، بالضيم والخذلان والانكسار، وريما يتعرض الى المحاسبة، اذا كان موظفاً او طالباً، لانه لا يستطيع الوصول الى مكان عمله في الوقت المحدد، وبالتالي سوف ينصرف التفكير الى آلاف الساعات من الوقت الثمين المهدور ظلماً، والمبالغ الطائلة التي تخسرها البلاد نتيجة هذا التأخير اليومي المتكرر، اضافة الى تعميق الوضع النفسي السيء للعراقي، على ما هو عليه من سوء. وهذه المعاناة كلها مفهومة من قبل الحكومة والمسؤولين، لكن من الانصاف ايضاً، ان نرى الجانب الايجابي في هذه الازدحامات والسيطرات، فليس اعتباطاً تضعها الحكومة وتزيد ازعاجاتها يوماً بعد آخر، سيما وان فوائدها بدأت تظهر للعيان، ولا يمكن نكرانها بأية حال من الاحوال.
ان السلطات المعنية وضعت هذه السيطرات وبهذه الكثافة غير الاعتيادية لغاية نبيلة هدفها ترشيق المواطن، وتخليصه من الدهون الزائدة، وتخفيض وزنه عندما يضطر الى السير على قدميه مسافات طويلة، وبالتالي سيكون اعداده جيداً، للدورات الاولمبية والبطولات الرياضية المختلفة، سيما بعد النتائج المخيبة للآمال، للعديد من فرقنا الرياضية.
كما ان في هذه الاختناقات فائدة اخرى كبيرة جداً، علينا الانتباه اليها، والا اتهمنا بالعقوق ونكران الجميل، هي نعمة التأمل، فبقاء الراكب محصوراً في السيارة لفترة طويلة خاصة في اشهر الصيف، «الدافئة» سيدفعه حتماً الى التأمل واستعادة ذكرياته الجميلة عن الكهرباء والماء الصالح للشرب، والصحة والتعليم، وكل شيء في عراقنا المبتلى بالادارات الفاشلة. فهل هذه الفوائد والانجازات قليلة، لكي يجري نكرانها جهاراً نهاراً؟
اقول هذا، وانا لم اتطرق بعد الى الانجاز الاكبر لهذه السيطرات الامنية، التي تعجز حتى الحاسبات عن احصاء اعدادها بصورة دقيقة، وهذا الانجاز يراه حتى صاحب العين الكريمة، ويتجسد في حفاظها على الامن والقضاء على الارهاب والارهابيين، وهو المطلب رقم واحد للعراقيين. فقد نجحت في منع حتى البعوضة من الافلات منها، ولهذا عاش العراقيون في السنة الفائتة وما قبلها، صيفاً خالياً من البعوض وتنعموا بلذة النوم على سطوح بيوتهم، وبالاحلام الوردية، وكل ذلك بفضل السونار الخرافي الذي استورد بمئات ملايين الدولارات من اموال الشعب، واتضح انه صنع خصيصاً للزاهي والطرشي والعمبة! والبعض يقول للتفتيش عن كرات الغولف الضائعة بين الاعشاب.
فهل هناك افضل من هذه المكرمة؟ ومن هذا الاهتمام المنقطع النظير بمصلحة الشعب والوطن؟
كونوا منصفين ايها العراقيون!