المنبرالحر

المفصول السياسي.. معاملة سيئة للغاية / طه رشيد

كانت فرحة المنفيين ـ المغتربين كبيرة حين شرع قانون ينظم عودة المفصولين السياسيين الى دوائرهم ووظائفهم واعمالهم، التي تركوها مجبرين في حقبة النظام الفاشي البائد . وجاء في الاسباب الموجبة لاصدار «قانون الفصل السياسي» انها رفع الحيف عن شريحة واسعة من العراقيين الذين عانوا من العسف والاضطهاد ايام النظام السابق. وجاءت مادة اخرى صريحة في القانون تلغي كافة القوانين التي تتعارض مع قانون الفصل السياسي. وهو ما دفع العديد من العراقيين المنتشرين في ارجاء العالم للعودة لوظائفهم. وقد سهلت السلطات (وزارة التربية مثلا) في?باديء الامر هذه العودة وعوضت قسما منهم بمبالغ كبيرة. وهذا لا ينفي ان هناك عناصر، سواء في الداخل والخارج، كانت مهادنة للنظام السابق وتركت وظائفها لاسباب ليس لها علاقة بالاختلاف مع النظام، ثم عادت باسم قانون الفصل السياسي ، وقد اجبر ذلك المسؤولين عن تنفيذ هذا القانون، مؤخرا، على التشديد في تنفيذه من خلال التمحيص والتدقيق. وانتقلت صلاحية اعطاء الحق بالعودة للوظيفة من الوزارة المعنية الى لجنة تحقق خاصة مرتبطة بالامانة العامة لمجلس الوزراء. الى هنا والامر مقبول، الا ان ما يثير استغرابنا هو ما تقوم به دوائر الهج?ة والمهجرين، مؤخرا، من حساب لمدة الفصل السياسي اعتبارا من حصول المعني على اللجوء السياسي، اما الفترة التي تسبق ذلك التاريخ فتحذف من عمر المغترب المنفي المسكين .
والحكومة ممثلة بشخص رئيس الوزراء وبقية المسؤولين يعرفون جيدا ان هناك عددا كبيرا من العراقيين هربوا من جحيم صدام حسين باتجاه سوريا والجزائر وليبيا واليمن وعملوا بنشاط وهمة في صفوف المعارضة آنذاك، جنبا الى جنب العديد من المسؤولين في السلطة اليوم.
وهناك مجاميع اخرى التحقت منذ نهاية السبعينيات بفصائل المقاومة المسلحة في كردستان، ولم يلتحقوا بالدول الاوروبية الا بعد ان ضاق عليهم الخناق مع مطلع التسعينيات. فهل نكافؤهم بهذه الطريقة؟ ام اننا لا نريد عودتهم ؟
واذكّر السادة المسؤولين بان معاملة هؤلاء تتم بطريقة سيئة للغاية في مختلف الدوائر، وكأنها عملية مقصودة ما دفع بالكثير من المغتربين الى العودة مجددا لبلدان الغربة، لنخسر طاقات سخية ذات خبرات كبيرة كان يمكن ان تساهم ببناء العراق، خاصة ان اغلبيتهم قد تجاوزوا وتخطوا العصبية القبلية والطائفية، ولا يهمهم سوى العراق، بحكم عيشهم الطويل ببلدان الحرية.
اما السؤال الاخير الذي لا بد من طرحه فهو لماذا يتم الكيل بمكيالين بالنسبة للعائدين من ايران ينتظرهم حسن استقبال دون طلب شرط اللجوء السياسي؟
المفصولون السياسيون، ياسادة يا كرام، ليسوا شحاذين، وعدد كبير منهم تركوا بلدانا آمنة وعوائل جميلة وبيوتا عامرة ومرتبات كبيرة من اجل المساهمة ببناء العراق. والا كيف تفسرون ان يترك احدنا مرتبا يصل الى سبعة آلاف يورو ليقبل بخمسائة يورو شهريا ؟ اليس هو جنون حب العراق؟