المنبرالحر

شكراً لذوي الضمائر الحيّة / مرتضى عبد الحميد

بعض الإعمال والقرارات لها دلالات رمزية، ربما تفوق أهميتها العملية، لأنها تجسد انتصار العقل على العاطفة، والموضوعية على العفوية والاستئثار، والوطنية على المحاصصات الجائرة، طائفية كانت أم حزبية أم جهوية. بمعنى أخر عندما تكون الرؤية شاملة، وتستند إلى مبدأ المواطنة، والمساواة بين العراقيين، أحياءً وشهداء، سنرى كيف يتألق الضمير الإنساني، وينشر الضياء والأمل في دروب العتمة المزدحمة بأشباح الجهل والتخلف.
أن القرار الجريء والمنصف، الذي اتخذته بلدية النجف في 23/2/2014 بتسمية احد شوارع المدينة المقدسة، بأسم شهيدنا «سلام عادل» هو دليل على الوعي السياسي المتقدم، والسمو الروحي والأخلاقي لهؤلاء الإخوة الأجلاء، وبالتالي دليل أخر على وجود الضمائر الحية القادرة على النظر إلى العراقيين بمنظار واحد، هو منظار المواطنة، ووحدة النسيج الوطني العراقي، وهذا ما يجب أن يسود في حياتنا السياسية، التي تعاني من أمراض مزمنة لعل أولها وأخطرها المحاصصة الطائفية والاثنية، فهي أس البلاء ومصدر كل الشرور والأخفاقات.
لقد استشهد «سلام عادل» دفاعاً عن مصالح الشعب وكادحيه من العمال والفلاحين، وفقراء العراق ومحروميه، وبطريقة أسطورية أدهشت حتى جلاديه، من وحوش الحرس القومي والبعث العفلقي، وجسّد فيها مع ألاف الشهداء بطولة الشيوعيين، وإصرارهم على المضي قدماً في سبيل الوطن الحر والشعب السعيد، دون أن تثنيهم أو تفت في عضدهم، صعوبات أو مخاطر، أو أساليب جهنمية يواجههم بها أعداء الشعب الوطن، وسيظل هذا هاجسهم اليومي إلى أن يصبح الشعب العراقي سيد نفسه، وقادراً على بناء نظامه الديمقراطي ودولته المدنية، التي تعطي لكل ذي حق حقه، وتلفظ ?للصوص والفاسدين، الذين لاهم لهم سوى العمل على تأبيد سلطتهم الفاشلة، والتي ينخرها الفساد والإرهاب من قمة رأسها إلى أخمص قدمها.
وسيمد الشيوعيون، كما كانوا دائماً، أيديهم حتى لمن يمد لهم يداً واحدة، طالما كان ذلك من اجل شعبهم ووطنهم، وهم في مسعاهم النبيل هذا لايشكون لحظة واحدة، بوجود الكثير من ذوي الضمائر الحية الساعين إلى إصلاح العملية السياسية، وإنقاذها من التخبط الذي تعيشه ألان، وتهدد العراق كل العراق. بمخاطر جسيمة لايراها ولا يحس بها اللهم إلا من عميت بصيرته قبل بصره.
أن العديد من السياسيين الحريصين على مصلحة بلدهم، والمخلصين لشعبهم، يدركون تماماً أن العراق يقف الآن على كف عفريت وأينما ادارو وجوههم لايرون إلا المجهول، وهم يحاولون التصدي لهذا الخطر الداهم، لكن ما ينقصهم هو توحيد جهودهم ونبذ التشتت والانتقائية في مواقفهم، وتوظيف كل الطاقات والإمكانيات التي بحوزتهم لصالح المشروع الوطني الديمقراطي القادر على إنقاذ العراق من محنته، والسير به نحو التعافي والتقدم والازدهار.