المنبرالحر

الادعاء العام.. صح النوم! / لويس فؤاد العمار

مكامن مقتل الدولة وفشلها المريع تتركز عادة وقبل كل شيء آخر في تعطيل مؤسساتها الدستورية المستقلة وتغييب دورها الذي وجدت من اجل ممارسته في صيانة النظام السياسي من الانحراف وحماية أموال الشعب من النهب والضياع فضلا عن صون الحريات العامة والخاصة.
في زمن النظام السابق كانت الكلمة العليا والأخيرة في مختلف القضايا الجوهرية وحتى التافهة منها حكرا على رأس النظام المباد , بل كان الديكتاتور يختزل الوطن بشخصه وحده ولعلنا نتذكر المقولة الشهيرة في ذلك الزمن الأغبر: (إذا قال صدام قال العراق) ومدى دويها في وجدان المتزلفين والانتهازيين ..
التغيير السياسي الكبير في 2003 لم يمس الجوهر البنيوي للدولة والحكم بمعنى أن التغيير أزال وجوها قديمة كالحة واتى بوجوه أخرى غيرها ربما أكثر اسودادا ولكن مع بقاء ثقافة الحكم المنحرف على حالها بدليل بقاء نفس الممارسات السلطوية من نهب للمال العام وخرق للدستور وضياع للحريات العامة والخاصة وتكريس الانقسامات وطمس الهوية الوطنية وتشظيها إلى هويات فرعية وطائفية متعددة.
لايحتاج رصد المخالفات التي تحدث في عراق اليوم إلى تقص وجهد كبيرين لمعرفتها وكشفها للرأي العام العراقي كونها تحصل في العلن (وعلى عينك ياتاجر) نتيجة لهيمنة الحزب الحاكم على المؤسسات الدستورية وعلى رأسها مؤسسة الادعاء العام التي على مايبدو تغط في نوم عميق وسبات طويل لم تصح منه حتى الآن على الرغم من أصوات انفجارات الفضائح المدوية في كافة مفاصل الدولة العراقية والتي تحتم على الادعاء العام تبعا لوظيفته منع هذه الممارسات بقوة القانون على اعتبار انه مؤسسة مستقلة ودستورية وتستند بعملها إلى القانون الذي يحاسب المخال?ين والمتجاوزين والخارجين عليه.. انهار الدماء البريئة التي تهرق يوميا على مدى عقد كامل من السنين وسيل الفضائح والسرقات المشرعنة منها وغير المشرعنة والخراب الاقتصادي والبيئي والخدمي لم تحرك إلى الآن ضمير مؤسسة الادعاء العام لتقول كلمتها الفصل والحقة في هذه المهازل التي تحصل يوميا وأبطالها من السياسيين الفاسدين الذين ارجعوا البلد إلى الوراء بعشرات السنوات الضوئية من التخلف على صعيد الإنسان والبنيان. لايمكن باي حال من الاحوال اذا ما اردنا بناء دولة المؤسسات والقانون ان نعطل اهم هيئاتها المستقلة من اجل اشباع نز?ة الهيمنة والتسلط التي وجدت بعض القوى السياسية انها اقصر الطرق لتنفيذ مشروعها السلطوي حتى لو جاء على حساب امال وتطلعات الجماهير في عراق جديد تسوده العدالة وسلطة القانون..