المنبرالحر

رحل الصكار وعينه على العراق / طه رشيد

"ـ ليش مات محمود ؟ .. اتمرض لو موت الله ؟
ـ مات موت الله، بس بأمر من الحكومة !!"
محمد سعيد الصكار

لم يكن الصكار متحمسا للعمل السياسي المباشر، الا انه لم يبتعد عن السياسة، في الكتابة وفي مختلف الاشكال الابداعية التي مارسها إن كانت شعرا ام نثرا، ساخرة ام جادة. وكان يعتبر نفسه ابنا لليسار العراقي الذي لم ينس فضله في تجذير وعيه وتشذيبه. وكان يفتخر بعام مولده لكونه مقترن بمولد الحزب الشيوعي العراقي وقد عبر عن ذلك مرارا.
ولد الصكار في قضاء شهربان / المقدادية في محافظة ديالى عام 1934، ثم انتقل وهو صبي مع اهله الى قضاء الخالص، وبعد ذلك الى البصرة التي استقر فيها قبل صعوده الى بغداد، حتى اعتقد الكثيرون انه بصري الولادة والنسب. ساهم في البصرة بشكل فاعل في الوسط الثقافي ومارس العمل الصحفي تحريراً وتصميماً وخطاً منذ 1955، وعمل محررا في جريدة « اتحاد الشعب» في فترة ما بعد ثورة 14 تموز، بعد ان عاد من منفاه الدمشقي حال اندلاع الثورة، كما أسس وأدار أربعة مكاتب للإعلان في البصرة وبغداد وباريس التي استقر فيها منذ عام 1978.
عاد محمد سعيد الصكار بعد السقوط إلى بغداد، وزار البصرة بعد غياب دام 26 عاماً حيث قوبل باحتفاء كبير.
وهو يعتبر من ابرز المبدعين العراقيين ومن الأسماء الثقافية العراقية الكبيرة ذات المواهب المتعددة، حيث أصدر 14 كتاباً في الشعر والتشكيل والمسرح والقصة القصيرة والدراسات اللغوية والفنية وغيرها. كما أقام أكثر من 30 معرضاً تشكيلياً في عدد كبير من دول العالم، فيما ترجمت نصوصه إلى عدة لغات .
اخترع الصكار أبجدية طباعية في منتصف السبعينيات سميت باسمه « ابجدية الصكار»،وهي محاولة اختزال للأحرف العربية في الطباعة الإلكترونية، ونال عنها آنذاك براءة اختراع. واستخدمت ابجديته في طباعة عدد واحد من جريدة «الثورة». لكن ذلك الاختراع في عراق صدام المقبور تحول وبالا عليه ! اذ بدأت معه المساومات والضغوطات حتى وصلت لاتهامه بالماسونية مرة، ومرة اخرى بان اسرائيل دفعت له مبالغ ضخمة لكي يشوه اللغة العربية !! فنصحه المقربون بترك العراق، وهو ما فعله حينها ليستقر في باريس. وبقي الصكار على صلة باصدقائه من الادباء في الخارج والداخل ومن مختلف الاتجاهات، ولم يستجب لدعوات مهرجانات المربد ابان النظام البائد رغم الحاحهم بدعوته عبر اصدقائه المقربين من الادباء .
بذل الصكار في باريس جهودا كبيرة لابتكار تصاميم جديدة لحروف الخط العربي واشتهر بحرف البصرة. كان له العديد من الكتابات الساخرة ونشر عددا منها في جريدة «المجرشة» اللندنية التي اصدرها الفنان فيصل لعيبي في منتصف التسعينيات، وكان يكتب فيها باسم «ابو ازدحام» .
رحيل الصكار خسارة كبيرة للثقافة العراقية.