المنبرالحر

المليشيات .. من جديد!/ محمد عبد الرحمن

نعم دخلت بهرز ، قبل ايام ، مجاميع « داعشية « ارهابية ، عاثت فسادا في المدينة . فحسب الفريق علي غيدان تسلسل اليها 20 مسلحا ، تعاونت معهم خلايا « نائمة « في المدينة ، لتسيطر عليها وتستعرض فيها ، في غياب شبه تام للقوات الامنية ، التي هرعت لاحقا وقالت انها طهرت بهرز من فلول « داعش « المجرمين بعد قيامهم باعمال ارهابية وتخريبية ، واشعال النيران في الدور السكنية والمحلات والسيارات ، ولا استغراب في ذلك ، فهذا ديدن الارهاب والارهابيين .
هذا ما حصل ، ولكن هناك جانب اخر من الاحداث الماساوية التي شهدتها المدينة ، مغيب او يراد له ان يغيب لبشاعته او للحرج الذي يسببه للمسؤولين وهم الذين طالبوا قبل ايام بالدم العراقي واعلنوا حمايتهم له . فما حصل وثقته، بالصوت والصورة ، العديد من وسائل الاعلام ، واعات بثه لمرات عدة ، واظهرت حالة الانفلات التي عاشتها تلك المدينة ، جراء الافعال المشينة لمليشيات منفلتة، والتي ازهقت ارواح العديد من الناس المسالمين ، وخصوصا من المسنين الذي لم يستطيعوا مغادرة المدينة في وقت اجتياحها من « داعش» الارهابي .فتشارك الداعشيون الارهابيون والمليشياويون في المسؤولية عن هذه الماساة .
هذا الجانب من تراجيديا بهرز لابد ان تسلط عليه الاضواء وهو يستحق العناية والمتابعة ، وان يجري ملاحقة من قاموا به قانونيا والاقتصاص العادل من القتلة ، على اختلاف عناوينهم . ما جرى لا يمكن الا وصفه بانه اعمال مدانة ، وجرائم خطرة لاتقل عن تلك التي يرتكبها اوغاد داعش والقاعدة وكل مسميات عناصر الارهاب والجريمة . فالجريمة ، والقتل واحد ، ان كان بدم بارد ، ام حار ساخن ، سواء حصل من مصنف على قوى الارهاب ام على مليشيات مفضوحة ، مكشوفة ، ام تسترت واختبات تحت عباءة رسمية !.
ان ما حصل في بهرز ، وما يحصل في بقية انحاء محافظة ديالى يدعو الى القلق من تطور الاحداث فيها ، وتواصل حالات الاختراقات الامنية وارتكاب الجرائم ، من مجاميع ارهابية ام مليشياوية ، وخصوصا وان المحافظة معروفة بتركيبتها المتعددة ، وفي ظل غياب التوافق السياسي المحلي فيها .
عودة نشاط المليشيات في بهرز ، وديالى ، وعدد من مناطق بغداد ، وغيرها من مدن العراق ، يطرح من جديد اهمية وضرورة تنفيذ الوعود الرسمية ، السابقة والمعلنة ، في حصر السلاح بيد الدولة والقوات الامنية الرسمية ، وعدم السماح لها ، جميعا ، بالعمل تحت اية ذريعة كانت . فبقاء هذه المليشيات طليقة ، حرة في تصرفها ، او تسخيرها في صراعات سياسية وكسب مواقع نفوذ ، امر لا ينسجم مع كل التصريحات والمواقف التي تقول باولوية الامان والاستقرار، والتوجه لاقامة دولة المؤسسات والقانون ، فمن غير الممكن ، بل هو المستحيل بعينه تحقيق ذلك مع استمرار الانفلات الامني ، وبقاء المليشيات حرة ، تصول وتجول ، وتقرر هي متى تختفي ، ومتى تظهر لتحل محل مؤسسات الدولة ، وخصوصا العسكرية والامنية .