المنبرالحر

فتى الدنيا .. فتــانا / د. إبراهيم إسماعيل

كل عام وانت أبهى وأفتى .. كل عام وأنت أجمل وأكمل .. كل عام وأنت فينا، نسغ طيبة ونبض وفاء ..
صديقي .. أيها الحزب.. لم يكن لنا، كلما ساد الخراب، غيرك، من يرينا كيف تلد المشانق زنابق، كيف نصنع من ضوء القمر أغاني العشق، ونرمم في زرقة البحر، ما هشمه البداة من أحلامنا..
لم يكن لنا سواك .. من يلملم الندى من شفاه الفجر ويحصّن قلوبنا من الصدأ .. رفيقاً .. الوفاء بعض نسيجه، زهراً يرميه إينما حلّ، فيختصر به درب الأوجاع، ويحفظ في الفؤاد وجوه من غادرونا في مسار المأثرة، ألواح بلور تبدد العتمة وتمنح لزنابق العشق آلقها.. رفيقاً واضحاً كالحقيقة، التي لم تتسلل لزهورها أشواك الوهم يوما..
لم يكن لنا سواك .. نتتبع معه في العروق والأنساغ، رقة العراق وصلابته، هذا التناغم البهي بين ألوانه وألحانه.. صلواته وأدعيته.. حكاياته وأساطيره.. أن نبصره في الأفق الأزرق، يروي ضمأ الينابيع، هناك في جبال الكرد، أو يمنح ربيع السهوب، شميم أرض علمت عتاة الغزاة، معنى الوطن.. أن نبصره وهو يوّشي بلون البرق حلم الجياع، يحمل الأمل لإطفال سرق الشقاة بسماتهم، ويرسم للثكالى وجوهاً مزهرة لوطن آت.
صديقي .. أيها الحزب .. وكيف يكون لنا سواك .. ونحن نتطهر من غلالة خيبتنا بمداد جراحاتك، كلما حطموا بين الأصابع مطارقنا، مناجلنا، نايتنا والأقلام.. وأنت تمنحنا جذوة العناد، نعض بها على جراحنا المدماة، فتصير قاماتنا عصّية على أن تنحني تحت سياط الحزن..
صديقي .. أيها الحزب .. وتمر السنين، وتبقى مشاعلك مفعمة بالصدق والحنين، توقظ مستضعفي بلادي، تودع فيهم سر تكوين عراق جديد، يستعيد فيه البشر أدميتهم المستلبة. وحين يحل عيدك الثمانون، عيد فتوتك، يحق لنا أن نفرح، نحن بنيك ومحبيك، أن نحّلق في فضاءات الجمال والأماني الجامحة.. يحق لنا أن نبقى نفخر بأن «فتى الدنيا فتانا».