المنبرالحر

عربة الطائفية تزيد سرعتها قبل الانتخابات / مرتضى عبد الحميد

لانأتي بجديد إذا قلنا بأن المحاصصة الطائفية والاثنية هي السم الزعاف الذي دُس في حياة العراقيين منذ رحيل المقبور «صدام حسين» ولحد الآن، فتشوه كل شيء، ولم يُبق حجراً على حجر، كما لا نأتي بجديد عندما نقول أنها (إي المحاصصة) هي الابنة المدللة لكل الكتل المتنفذة، فتراهم يداعبونها، ويلا عبونها في كل يوم وفي كل ساعة، ويبذلوا المستحيل لتوفير المستلزمات المطلوبة لنجاحها، وجعلها كابوساً يقض مضاجع العراقيين، ويعصف بأمانيهم وأحلامهم، في بناء وطن جديد، وديمقراطي يضمن لهم حقوقهم وكرامتهم.
لكن الملاحظ من قبل كل ذي عينيين، أن هذه الابنة اللقيطة يزداد دلعها وتدليلها، والعناية بها، ورعايتها ليل نهار، كلما اقتربت الانتخابات النيابية، أو انتخابات مجالس المحافظات. حينئذ يتبارى الطائفيون في إعلاء رايتها السوداء، وتحويلها إلى لازمة في كل حديث من أحاديثهم الجوفاء، دون أن يأبهوا بما تحدثه من شروخ وفجوات في النسيج الوطني العراقي، ومن تأليب لأبناء هذا البلد بعضهم على البعض الأخر، وبالتالي لايهمهم الخوض بدماء العراقيين، ولا إشعال الحرب الأهلية- الطائفية مجدداً، بل لايهمهم على مايبدو حتى تقسيم العراق إلى دويلات ضعيفة يقاتل بعضها بعضاً.
المهم بالنسبة لهم البقاء في السلطة والتمتع بأمتيازاتها ومكاسبها. وليذهب الجميع إلى الجحيم. ولذلك نسمع هذه الأيام كلمات وعبارات تقطر طائفية وفتنه، من قبيل (الدم بالدم/ أريد سبعة قتلى من السنة مقابل سبعة من الشيعة/ ولا تنتخبوا العلماني....الخ). والطرف المقابل يشحن جماهيره ايضاً، ويتفنن في زرقها بالمصل الذي يحوي جراثيم هذا المرض الخطير والمعدي، لأنهم لا يملكون شيئاً يقدمونه لهذا الشعب المسكين غير هذه التجارة المدمرة. والمشكلة أن القائمين بها من الطرفين ومعهما الطرف الثالث الذي راهن على الشحن القومي، يعلمون علم اليقين ويعرفون جيداً التأثيرات الكارثية لهذه التصريحات التي تلهب الشارع العراقي، وتصنع منه برميل بارود قابل للانفجار في أية لحظة، وهذا كله لا يهم من وجهة نظرهم، فالمهم أن يلتصقوا بالكراسي مهما كان نوع الغراء ومصدره، ولا يبارحونها إلا إلى المقبرة.
هل ناضل الشعب العراقي ضد الدكتاتورية، وضحى بعشرات الآلاف من الشهداء، من اجل أن يجد نفسه بين سندان الارهابين والقتلة، ومطرقة الطائفيين الجهلة، وان يعيش حياته مغيباً، مشتتاً، وحائراً؟ لكن ما يبعث الأمل ويشيع شيئاً من التفاؤل أن قطاعات وشرائح اجتماعية بدأت تعي مصالحها الحقيقية، وتستطيع التمييز بين الخيط الأبيض والأسود والأمل كل الأمل أن تتضح الرؤية للجميع دون استثناء، وتزول الغشاوة من العيون، لكي يتم عزل الإرهابيين والطائفيين، والفاسدين، وكل من داس على ضميره بحذائه، وهو يبتسم، استهانة بالآم العراقيين، ومعاناتهم، التي بلغت مديات خطيرة، أضحت تهدد وجودهم وبقاءهم على قيد الحياة.