المنبرالحر

الفصل السابع والـ” C-I-A” / عبد الجبار نوري

الفصل السابع او البند السابع هو من اهم فصول الميثاق الدولي للامم المتحدة التي ظهرت في 1945 بعد ما اكتوت البشرية بنيران حربين عالميتين. ويضم الفصل السابع المواد من 39-51 من الميثاق الذي يقر فيما يتخذ من الاعمال في حالات تهديد السلم العالمي والاخلال به ووقوع العدوان وتحمل صفة الاقسار، اي امكانية اجبار الدولة المعتدية باحكام القرارات الدولية. واهم موادها ثلاث: 39-41-42
مادة 39 - يقرر مجلس الامن ما اذا كان قد وقع هو تهديد للسلم وعمل عدواني.
مادة 41- يقرر من التدابير التي لا تتطلب استخدام القوة مثل قطع الصلات الاقتصادية والمواصلات والبرقية.
مادة 42- يمكن استعمال القوة بعد ان ترى ان قراراته لم تفي بالغرض حسب المادة 41.
والغاية من هذا الفصل هو تثبيت الشرعية الدولية وكبح المعتدي ونشر ثقافة الحوار والتعامل الحضاري بين بلدان العالم. ولكن الشرعية الدولية كانت تجد نفسها في معظم الاوقات رهينة توازن القوى بين الدولتين العظميين اللتين سادتا العالم منذ الحرب العالمية الثانية بين الولايات المتحدة الامريكية والاتحاد السوفيتي. واستمرت الشرعية الدولية محترمة حتى سقوط احد القطبين، الاتحاد السوفيتي، عام 1991 اصبحنا نعيش القوه الوحيدة التي تمثلها الولايات المتحدة الامريكية والتي تدور في فلكها معظم دول الغرب والشرق في اوربا. فالمجتمع الدولي حاليا يعيش عصر الهيمنة الامريكية او السلم الامريكي حيث تفرض هيمنتها على العالم اما مباشرة بواسطة قواعدها العسكرية وقوتها الاقتصادية او استعمال وسائل الترغيب. اذاً تمر الشرعية الدولية بأزمة عهد القطبية الاحادية التي نعيشها اليوم .
اما الـ "سي-اي-أيه، فهي وكالة المخابرات المركزية الامريكية وهي وكالة حكومية لجمع المعلومات عن الحكومات والاحداث الخارجية والاشخاص، وهي اهم الاجهزة الرئيسة للتجسس على العالم ومقاومة التجسس في الولايات المتحدة الامريكية، ويرصد لها ميزانيه ضخمة جدا وعدد العاملين فيها اكثر من 300 الف موظف وجاسوس يقدمون تقاريرهم الصباحية كل يوم الى الرئيس الامريكى ليطلع عليها ثم توزع الى مصادر القرار في الداخل والخارج. وينسب الى الوكالة المذكورة سلسلة طويلة من العمليات السياسية والعسكرية والانقلابات والتصفيات الفردية والجماعية، اسلوب العمل فيها "المبدأ الميكافيلي" والذي يعني الغاية تبرر الوسيلة وتستعمل مختلف وسائل التجسس الحديثة كطائرات "يو2".
هل نجحت المنظمة الدولية بخصوص ما يتعلق بالفصل السابع من ميثاقها الاممي؟
من الخطأ ان يعتقد البعض انها انشئت لغرض تحقيق العدل المطلق ونشر السلام على الجميع، فهي منظمة سياسية وليست اخلاقية، وقد انشأها المنتصرون لتكريس انتصاراتهم النسبية في الحرب الثانية، وقد تجلى ذلك فيما منحوه لأنفسهم حق النقض "الفيتو".
ومن مآخذ هذا البند ما يخص هذا البحث هو تأثير وكالة المخابرات المركزية الامريكية في التدخل السافر العلني في قرارات المنظمة الدولية والقفز على مواثيقها حسب ما تقتضي مصالحها.
وهل تمكنت المنظمة الاممية التي وضعت 191 دولة في 2005 ثقتها بها من احترام حقوقها عندما تغتصب؟ ولابد من ذكر بعض الامثلة على تأثير الوكالة الامريكية السيئة الصيت في بعض المواقف الدولية، وهذا غيض من في .
أولاً- ما يخص امريكا الوسطى ودول بحر الكاريبي. فقد لعبت الـ"سي-اي-ايه" في تسريع انقلابات عسكرية في تلك الدول بمجرد مجىء حكومة مؤيدة للشعب وللفلاحين بالذات، كما حدث في بوليفيا ونيكاراكوا عام 1953 وتدخلها في شؤون كوبا عندما شنت حربا عليها عام 1961 عند غزوها كوبا في حرب خليج الخنازير. وفي الكونغو اغتالت وكالة المخابرات المركزية المناضل باتريس لومامبا عام 1965 وغيرت النظام بانقلاب عسكري تحت امرتها.
ثانياً- التوسع الاسرائيلي في 1968 على حساب الاراضي العربية. اي نعم اصدر مجلس الامن الدولي قرار ادانة ضد اسرائيل بالقرار 242 الذي وضع اسرائيل الدولة المعتدية تحت البند السادس وليس السابع لان البند السادس توصية وليس الزام. ونذكر غزو اسرائيل للبنان عام 1982 الذي استمر الى 1985 حيث احتلت اسرائيل جنوب لبنان وكان من نتائجها مذبحة صبرا وشاتيلا التي راح ضحيتها 3000 مدني، وحرب لبنان الثانية 2006 استمرت 34 يوماً دمرت فيها اسرائيل البنى التحتية اللبنانية .
والعدوان الاسرائيلي على سوريا في 5-5-2013 هجومها الجوي على منشئاتها يعد عملا من اعمال الارهاب الدولي والقرصنة المنفلتة واعتداء على دولة عضو في الامم المتحدة. ونكرر السؤال اين سلطة مجلس الامن في احلال السلام في العالم وكبح المعتدي وتطبيق المواثيق الدولية عليه؟؟ ولا يكون هذا والقارىء يعلم ما يدور في العالم من ظلم وتعسف وراء الكواليس او في العلن احيانا كثيرة.
ثالثاً- ما يخص العراق نتيجة لتهورالنظام واخلاله بالمواثيق الدولية وغزوه للكويت عام 1990 اصدر مجلس الامن الدولي، طبعا بالتأثير الامريكي المباشر، القرار 678 في 1991 ويعتبر اخطر القرارات التي وضعت العراق تحت البند السابع المسخر لخدمة الاهداف الامريكية. ولانها تستعمل هذا البند على الدول النفطية دائما اعلنت امريكا المحتلة في 2003 انها غازية وفق القرار الاممي 1483 وبعدها عدلت القرار اطلقت على نفسها قوات متعددة الجنسيات بالقرار 1546.
ومن المآخذ الخطيرة على الميثاق الدولي الفصل السابع كذلك حماية المؤسسات الفنية والعلمية والاثارية حسب ميثاق زوريخ الموقع في واشنطن في 15-5-1935 واتفاقيات لاهاي حول حماية الممتلكات الثقافية في حال النزاع المسلح والموقعة في لاهاي في 14-5-1954 والملحق عام 1999. كل هذا على مسمع ومرأى الحامي والراعي الاممي. حيث دمر وحرق تراثنا ونهب ارشيفنا واثارنا. ثم عمد المشرع الى تحريم اللجوء الى اسلحة الدمار حسب معاهدة لاهاي 29 -7-1899 او استعمال الغازات السامة والجرثومية "جنيف 17-9-1925"، او استعمال الاسلحة المفرطة الضرر عشوائية الأثر "جنيف 10-10-1980"، او استعمال الالغام والاشراك الخداعية "جنيف 1997". وهل احترمت امريكا ومخابراتها تلك المواثيق الدوليه لقد استعملت جميع الاسلحه المباحة والغير مباحة باليورانيوم المنضب الذي ظهر في الاجنة والتشوه الخلقي لاطفالنا. ونستنتج ان مواثيق الامم المتحدة ومنها المهم جدا الفصل السابع مسخر لخدمة القطب الاوحد امريكا وحلفائها في الغرب. واسعفتني الذاكره تواً وانا اكتب المقال كيف ان وكالة المخابرات المركزية الامريكية قدمت الخدمات اللوجستية والعملاء والتأييد الكامل لحليفتها بريطانيا في عهد تاتجر عندما استعادت جزر فولكلاند من الارجنتين في عام 1982، وهي مستعمرة بريطانية لاكثر من 190 سنة وحاولت الارجنتين استرجاعها وتحريرها من المغتصب البريطاني ولكن محاولتها فشلت.
واخيراً اني من المتفائلين في تصحيح مسار الهيئة الدولية وذلك بتنامي قوى الخير وازدياد ونمو جبهة اليسار في العالم ومحبي السلام واصحاب اليد البيضاء والمناضلين في سبيل تحقيق العداله والبيئة النظيفة للبشريه جمعاء.
تحية لمحبي وطالبي السلام للبشرية