المنبرالحر

الفريد سمعان وعزاء أحمد المظفر..! / ريسان الخزعلي

* حينما يرحل الأديب او المثقف عموماً، لا شيء يقدمه له الأصدقاء من الذين يشاركونه الصفة الإبداعية ذاتها، سوى حضور مراسم التشييع ومجلس الفاتحة والحفل التأبيني، ومواساة ذوي الراحل، وتقديم المساعدات المالية كلما كان ذلك ممكناً، ومثل هذه المساهمات من طقوسنا الاجتماعية العامة.
إلا ان الذي حصل عند رحيل الأديب والإعلامي المعروف احمد المظفر، عضو المجلس المركزي السابق في الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق- كان يدعو الى الاستغراب، حيث لاحظنا غياب الكثير من الأدباء، وتحديداً من أعضاء المجلس المركزي والمكتب التنفيذي المنتخبين قبل أكثر من عام، وكذلك أعضاء المنتديات المرتبطة بالاتحاد (نادي السرد، نادي الشعر، نادي نازك الملائكة، ملتقى الخميس الإبداعي، الملتقى النقدي.. الخ) مع الملاحظة ان هذا القول لا يصح ان يكون تعميماً بالمطلق، حيث حضر البعض ممن أشرت إليهم، إلا ان حضور الأصدقاء كان هو الأكبر.
* كان للأستاذ الفريد سمعان - الأمين العام- حضور فاعل وحميمي، سواء كان ذلك، في مراسم التشييع او في مجلس الفاتحة، أو الحفل التأبيني. وقد كان لكلمته في المؤتمر الذي سبق التشييع أمام الفضائيات وبحضور ذوي الراحل، تأثير بالغ في نفوس من حضر هذا المؤتمر، حيث تحدث بصدق قلَّ نظيره عن الراحل ودوره الاجتماعي والأدبي وحضوره المشرق في الاتحاد، وبانثيال حزين يشعب القلوب «لا يمكنني ان أتصور الاتحاد بغير خطوات أحمد المظفر».
* أما مراسم التشييع، فقد كان الرجل يدفع سيارة النعش من الخلف بانحناءة تشكيلية لا شعورية جميلة، والسيارة تسير ببطء ولا حاجة لها بذلك، وقد كان المشهد رثائياً، وكأنه يدفع بالراحل الى الفردوس، مما يدلل على مستوى الحزن الذي بلغه وعمق تأثره. وفي كلمته في الحفل التأبيني تحدث بلوعة عزاء ورنّة ألم واضحتين. أقول هذا، لأشير الى أهمية الدور المهني والأخلاقي الذي مارسه الرجل بنبل واحترام لشخصية الراحل،. ومثل هذا الدور ورتّة مارسه أيضاً عند رحيل آخرين من الأدباء، إلا إني في هذه المرّة وجدته متأثراً بطريقة مغايرة، ولا يقل هذا التأثير عن حالة أب فقد ابنه، ولست مبالغاً بذلك، ومن حضر التشييع يشهد على الموقف. ان هذه المواقف قد خففت أثر الفجيعة على ذوي الراحل كثيرا، وبعثت في نفوسهم طمأنينة أبوّة جديدة، ولابد من الإشارة والإشادة بها كونها توافرت على أكثر من طريقة تعبير.
وبالعراقي عبرت إبنته (مروة) في كلمتها في الحفل التأبيني، بعد أن ادهشها كم الحاضرين وموقف الاتحاد:
«هسه إعرفت ليش ابوي إمچلب بالاتحاد.. كلما أگله وين رايح.. ايگول الأتحاد.. الأتحاد».