المنبرالحر

أبا كاطع..؛ إنهم يَكسرونَ عَينَ "العُراق"..؟! / مازن العاني

«لا تكسروا عينَ العُراق»، بهذه الكلمات كان الفقيد شمران الياسري(ابو كاطع) يرد على التساؤل الذي كان يثيره لدى زملائه في جريدة «طريق الشعب» لفظه كلمة «عُراق»- مرفوعة العين و ليست مكسورة كما يفترض-، التساؤل و الرد الممزوجين دائما بإبتسامة محببة في وجوههم، وإبتسامة أحسن منها على محياه.
لم يرد في خلده أن مزحته هذه ستتحول في يوم ما الى حقيقة مرة في واقع أمر، و سيتعاون على كسر عين العراق ساسة من البلد و حكام، أمراء المناطق والطوائف و الطائفية، على إختلاف مللهم و نحلهم بصراعاتهم الفئوية و الطائفية و الاثنية الضيقة.
و الى جانب هؤلاء، ومن ورائهم، وقفت وتقف دول مجاورة بنوايا مشبوهة تصب الزيت على النار كي تمحو من الخارطة بلدا أهدى البشرية أول ينابيع الحضارة؛ من سومر و أكد و بابل و آشور، وصار في لحظة من التاريخ مركز إشعاع علمي و فلسفي وأدبي للعالم كله.
عفوك أيها «الغريب على الخليج» و معذرة، لن يقرأ أحد من ساسة عراق اليوم وصيتك و أنت تحتضر؛ «لا تكفروا نِعمَ العراق، و لا تبغوا عنه سواه»، لانهم لا يرونه كما كنت تراه مع مجايليك من بناته و أبنائه البررة؛ «خير البلاد بين خضراء و ماء»،
لن يصغي إليك أحد من هؤلاء و أنت تُحذر «من أفعى تدب على ثرى الوطن»، لانهم هم من اخرج أفعى الطائفية من جحرها و أطلق عفريت التقسيم من قمقمه، و هم الدعاة والمروجون لهما.
طيب الله ثرى مصطفى جمال الدين شاعرا فذا و عراقيا أصيلا، وكم نحن أحوج ما نكون كي يأتينا من مقبرة الغرباء في دمشق، حيث يرقد هناك، ويرى كيف «إجتمعت الأعصرُ على العراق ، ودجت وقست عليه الدنيا و الحادثات»، حتى بات مصيره يتأرجح بين رغبات سياسييه و حكامه، و سيوف ذباحين وافدين من مكبات نفايات البلدان الاخرى، مدعومين من دول مجاورة تتهيأ لاطلاق رصاصة الرحمة عليه وعلينا. و يتسابق هؤلاء مع أؤلئك كي «تهوى على الوطن المقصلة»، مقصلة التجزأة و التقسيم وضياع إرث انساني ثر لبلد عريق و مستقبل الملايين من أبنائه.
و لا يألو البعض من هؤلاء جهداً ليقنعنا ان قدر العراق محكوم بين مآلين لا ثالث لهما؛ التقسيم او حرب أهلية طائفية..!. ورغم «قساوة الدنيا و الحادثات»، التي نمر بها اليوم سنبقى نراهن على مآل ثالث، يشكل حلم الاغلبية ممن لم يلوثهم البازار السياسي الراهن في العراق و مزاداته الطائفية و الاثنية المريبة. خيار الوحدة الوطنية و التوافق الوطني و مساواة الجميع أمام القانون بغض النظر عن الجنس و القومية و العرق و الدين و الطائفة.
لا يزال في العراق فرسان و خيالة مستعدون لمواجهة من يريد أن «يقتل الجياد» و «يكسر عين العراق»، و هؤلاء هم الغالبية من العراقيين على اختلاف انتماءاتهم و انحداراتهم ولكناتهم و سحناتهم و قناعتهم.