المنبرالحر

يا ضوه ولاياتنا / ابراهيم الخياط

قبل عقدين من الزمن، كانت عوائلنا يلتم شملها عند المساء في البيوت الوديعة الوجلة لتتابع، عبر القناة الوحيدة، مسلسل (حكايات المدن الثلاث) الذي كتبه عادل كاظم وأخرجه محمد شكري جميل، وحتى المقاهي كانت تتابع العصمنلية وصديق باشا وشيخ مسور ورتيبة والبيك وقطاع الطرق والبرمكية والمتسولين والسكارى والاشقياء وفتاح الفال والملا وسامي قفطان وفاطمة الربيعي وقاسم محمد ومحمود ابو العباس وهند كامل وايناس طالب.
لقد قسم العثمانيون ارض العراق الى ثلاث ولايات، وقد عكست هذه المقاطعات بصورة عامة التقسيمات الجغرافية واللغوية والمذهبية.
الولاية الاولى، هي بغداد التي كانت تحدها من الجنوب ولاية البصرة ومن الشمال ولاية الموصل ومن الشرق فارس، وكانت تنقسم إلى عدة ألوية هي لواء بغداد ولواء كربلاء ولواء الديوانية، وعلى الرغم من ان واليها كان يُمنح مرتبة متفوقة كحاكم لأكثر المدن اهمية في العراق لكن لم يتمكن أي وال ابداً من وحدتها مع الولايات الاخرى، وفي عهد مدحت باشا 1869-1872 حدثت اعمال مهمة وكبيرة لتطوير بغداد، فقد وسع المدينة بشكل كبير، واسس طرق مواصلات حديثة، وشيد الحدائق ومصانع للنسيج، وبنى مستشفى، واسس مصرف توفير، وعبّد الطرق وانارها واقام جسراً على نهر دجلة وفتح العديد من المدارس، وطبع العديد من الكتب العلمية والمدرسية في المطبعة التي قام بتأسيسها، وصدرت في عهده اول صحيفة بالعراق وهي صحيفة (زوراء)، كما طور من خدمات الزوارق البخارية في دجلة والفرات كما فرض التجنيد الالزامي. وتعد فترة حكمه على قصرها اساساً للتطورات التي غيرت مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية في العراق.
الولاية الثانية، هي البصرة (بالتركية: ولايت بصره) وهي إحدى ولايات الإمبراطورية العثمانية الجنوبية وكانت مساحتها الإدارية تمتد من أعالي منطقة علي الغربي شمالاً حتى لواء الإحساء ولواء نجد. وهي تشمل الكويت وقطر و(السعودية) الشرقية والبحرين، وكانت تضم لواء البصرة ولواء المنتفك ولواء العمارة ولواء نجد ولواء القصيم. ومن ولاية البصرة تطورت الملاحة في الخليج وفي مينائها تم انشاء مرفأ لتصليح السفن، كما بدأت عمليات الحفر في شط العرب، وادخلت العديد من التحسينات في نظام الري والزراعة، وتوسع منها انتاج التمور في الجنوب كما انشأت المجالس البلدية والادارية وفق قانون الولايات.
أما الولاية الثالثة، فهي مصطلح سياسي شاع في العراق قبل وأثناء وبُعيد انتخابات نيسان 2014، وصار لها موالون ومعارضون، فهذا فريق يؤيد تولي رئيس الوزراء نوري المالكي لثالث كابينة وزارية على التوالي، وهذا فريق يرفع اليدين بالكارت الاحمر، وسبق للبرلمان أن صوّت على تحديد ولاية أي رئيس وزراء للعراق بدورتين ولكن المحكمة الاتحادية نقضته شكلا وليس مضمونا. وقد تعطلت لغة الكلام عن الولاية الثالثة بعد خراب الموصل، الموصل الولاية الثالثة.