المنبرالحر

نسختنا من "النسبـية"! / قيس قاسم العجرش

هناك رأيان يتنازعان نظرة الشارع الى الحكومة الآن، الأول يقول إن الرئيس العبادي "فشل" وبانت عواقب هذا الفشل في الأمن والسياسة ومعظم الاشياء التي كانت تنتظر تنصيب رئيس للوزراء.
والرأي الثاني يقول إن العبادي "نجح" في ما فشل فيه سلفه فشلاً ذريعاً، فشلٌ ذو ألواحٍ ودُسُـر!...كما هو حال سفينة نوح، إذ كان فشلاً يعيش وينمو بذاته.
لكن النظر للأشياء بنسبية ربما يكون نوعاً من المنزلة بين المنزلتين.
لنأخذ جزئية ونحاكمها. مثلاً: لم (يُعاقب) العبادي أياً من قادة الهزائم العسكريين، أو ربما تكون هذه الجملة فيها حكمٌ مُسبق، لنقل بدلاً منها: القادة الذين حدثت في عهدهم أكبر الهزائم العسكرية في الحرب ضد الإرهاب.
وهنا لا نعني ما حدث في الموصل فحسب، إنما لنتذكر أن هذه الحرب بدأت منذ عام 2006 بوضوح خنادقها، ومنذ ذلك الحين لم يتغير الحال الأمني إلا ومعه نكسات نقف عندها بغضب.
احدهم، كان مديراً لمكتب القائد العام للقوات المسلحة عام 2006 ثم بعد سنة صار قائداً لعمليات بغداد التي نعرف حالها الأمني ثم صار مسؤولاً عن شيء يسمى قيادة العمليات المشتركة ثم معاوناً لرئيس اركان الجيش للعمليات ولم يتغير مع هذا القطار من الصلاحيات والألقاب، شيء بل لنتذكر انه زار الموصل قبل يومين من سقوطها بيد الإرهاب كلها، واستقبله في مطارها قائد عملياتها.
ولنتذكر انه كان قبلها مديراً لصنف المشاة في الجيش العراقي منذ عام 1996 برتبة لواء!
أي متبصّر متواضع كان ليسأل: لماذا بقي هذا الرجل في كل هذه المناصب، والحال الأمني كما نعرفه وتعرفونه؟
ألا يبدو هذا مثل القدر النحس على رؤوسنا؟ إن كان كذلك فوفقاً لنسبية الأشياء فإن إخراج هذا (القائد) من مناصبه يُعدُّ (تقدماً) بالمعايير العراقية.. بل إن إخراج هذه الوجوه وإحالتها الى التقاعد بالرغم من كل ما في هذه الحركة من طمس للمسؤولية التاريخية، لا يُمكن أن يعد إلا (تقدماً).. بلا سخرية أقولها.. نعم.. إن إخراج الفاشلين الذين ثبتوا في أماكنهم بالرغم من سنوات من الفشل، يعد تقدماً ونجاحاً، لكنه للأسف بمعايير عراقية.
الفشل يحيط نفسه عادة بألف رباط حديدي يشده الى منصبه، بل إنه يتسلح بتقديم الفاشلين الى واجهة الصورة، ليبدو متجانساً مع نظرائه والناجح هنا سيبدو نشازاً.
ليس مبكراً أن نحكم على خطوات العبادي، لا يوجد أي شيء مبكّر في الإنتقاد والرّصد، لكن لنتذكر أن ننصفه ونستعمل مقاييس عراقية ونتواضع في تقدير المُمكنات، وأن لا نطالب الحكومة ان تكون مثل حكومة سويسرا بينما كعراقيين لدينا تراث من الفوضى... على الأقل هذا ما قاله علي الوردي.