المنبرالحر

سياسة مدمرة ! / محمد عبد الرحمن

الكثيرون في بلدنا يقولون انهم يتعرضون الى التهميش والاقصاء . وهذا يشمل مكونات وطوائف وكتلا واحزابا وافرادا ومسؤولين في مواقع حكومية متعددة. هؤلاء وغيرهم يعانون من هذا الثنائي الخطر والمدمر ، ومعهم ربما كثيرون غيرهم ، في طول بلادنا وعرضها .
وتتباين طرق واساليب التهميش والاقصاء. فمنها ما يأخذ شكلا قانونيا ، ويستند الى شرعية معينة تُضفى عليه ، وفي تجربتنا العراقية العديد من الامثلة الحية على ذلك ، وبعضها قائم ومستمر. والغريب في الامر ان يواصل البعض هذه السياسية دون اعتبار لمردوداتها السلبية ومضارها، وكون من يعتمدها غير مفوض الى الابد في موقعه .
وفي هذا الشأن يلعب دورا كبيرا ومهما نمط تفكير هذا الشخص او ذاك. وتحل المصيبة حين يكون مسؤولا ومقررا ، ويستطيع ان يتلاعب بمصائر الناس ، بغطرسة ونرجسية وغلو وتعال وعناد .
على المستوى السياسي يضيق مثل هذا الشخص بالآخر المختلف ، ويسعي للهيمنة والتفرد بالقرار وتضييق دائرة اتخاذه والحد من مشاركة الآخرين. وهذا كله ليس بعيدا عن ضعف التقاليد الديمقراطية ،وهشاشة البناء المؤسسي للدولة ، والجنوح الى التشدد والمركزية الشديدة. وان من يسعى الى ذلك يقود البلد ، شاء ام ابى ، الى اجواء عدم الاستقرار ويتسبب في خسارة عامل الوقت .
وان من يتبع التهميش على صعيد مؤسسات الدولة ، انما يفرط بكفاءات وقدرات ، ويتسبب في خسارتها وهي القادرة على الاسهام في عمليات البناء والاعمار ، في وقت تمس حاجة بلدنا فيه اليها ، خصوصا بعد سنوات الحصار والحروب الطويلة وعدم التواصل العلمي والتكنولوجي مع العالم . ثم يأتي الآن من يكمل ذلك عبر التهميش والاقصاء وعدم وضع الشخص المناسب في المكان المناسب ، وتوفير الاجواء المناسبة لتسخير الطاقات كلها لخدمة البلد ولتأمين تقدمه وازدهاره .
وطبيعي ان يشعر المهمشون والمقصيون بالغبن والتمييز ضدهم وضياع الفرص من ايديهم ، ومن ثم باليأس والقنوط وخيبة الأمل. فهل في ذلك ما يحفزهم على ان يكونوا مساهمين ايجابيين ومواطنين صالحين؟ وهل من ضامن لعدم انسياقهم الى ما لا نريده لهم؟
متى يدرك اصحاب القرار ، يا ترى ، خطورة هذا النهج المدمر؟