المنبرالحر

درس مصري / عبد الكريم العبيدي

بعد عام واحد على «انتخابه»، بات «مرسي» مخلوعاً، شأنه شأن أكثر من حاكم عربي مستبد يتم «قلعه» مؤخرا بإرادة شعبه، في ظل رياح ما يعرف بالربيع العربي.
لم يمس «مرسي الحزين» معزولا لوحده، بل أزاحت «مجرفة» الشعب نظام «حكم المرشد»، وبددت أحلام «الأخوانچية» بكرسي الحكم، لتدمير حضارة البلد وارثه، فطويت بذلك صفحة سوداء طارئة على تاريخ مصر امتدت لعام «غير مصري»، مقيت!.
المستشار عدلي منصور رئيس المحكمة الدستورية العليا في مصر تولى منصب رئيس البلاد بصورة مؤقتة، وهي إشارة واضحة للعودة لمرجعية القانون، الذي سيتكفل بالإشراف على تنفيذ بنود خارطة مستقبل مصر التي أعلن عنها وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي لإخراج البلاد من أزمتها.
رحل مرسي الحزين إذاً،ورحل معه أقطابه ومريدوه الذين عينهم طبقا لولائهم له لا لكفاءاتهم، درس لم يتعظ منه المستبدون بعد، رغم عواصف التغيير المتلاحقة، فحتى عشية انتهاء مهلة الجيش المصري، يصر «مرسي» في آخر خطاب له على تمسكه بـ كرسي الحكم، رغم فشله الذريع، وفشل مشروع إخوانه، وقيام ثورة شعبية، بعدما وصلت مصر إلى حافة الهاوية.
الجيش المصري لم يقم بانقلاب يذكرنا «بانقلاباتنا العراقية» التي سرعان ما تتحول الى عروس الثورات!، بل تشاور الجيش مع الشباب الساخط والرموز الوطنية وأناط كرسي الحكم إلى مستشار قانوني مدني، ووضع مع الجميع خارطة طريق، ونأى بنفسه عن السياسة وأحكامها.
من خلع مرسي إذاً؟
خلعه السخط الشعبي الواسع من جراء إصداره إعلانا دستوريا يمنحه صلاحيات واسعة في شهر تشرين الثاني عام 2012، وخلعه الانقسام السياسي في البلاد بين مرسي وبعض أخوانه من جهة، والحركات الليبرالية من جهة أخرى، وخلعه الدستور الجديد المثير للجدل الذي صاغته لجنة هيمن عليها إسلاميون، وخلعه تجاهله لمطالب شعبه وطريقة حكمه الاحتكارية المهيمنة الفاشلة، وخلعته استمرارية معاناة المواطنين بسبب تدهور الوضع الاقتصادي والفوضى الناجمة عن غياب القانون والنظام، وخلعته حركة فتية، ولدت قبل شهور لا غير أطلقت على نفسها حركة «تمرد» الشعبية، أسستها مجموعة من الشباب الذين لا ينتمون إلى أي حزب سياسي في أوائل أيار ودعت إلى الاحتجاجات، بعد أن جمعت أكثر من 22 مليون توقيع يطالب أصحابها برحيل مرسي، فاستجاب لدعوتها ملايين المصريين الغاضبين.
عموما، اعترف مرسي بارتكاب «بعض الأخطاء» أخيرا، اعترافات في حضرة دنو «ملك الموت»، أراد التعكز عليها بمكر، شأنه شأن الطغاة الخائبين حين يدنو موعد «شلعهم» القسري عن كرسي الحكم.
مرسي، وكعادة أقرانه أيضا أنحى باللائمة على «فلول النظام السابق» والأوضاع السيئة التي ورثها، وعلى المعارضة لعدم استجابتها لدعواته للحوار الوطني!، وقبل يوم من عزله، أعلن رفضه «مهلة الجيش» وشدد على تمسكه بما يسميه هو وأنصاره «الشرعية»، واصفا الحراك السياسي التغييري الحاسم بالانقلاب العسكري، وداعيا الدول الكبرى لمساعدته!.
لكن الملاحظ، أن «الثورة الشبابية المصرية الثانية» حصلت في الذكرى الأولى لتولي مرسي الحكم وليس في ذكرى انتصار الثورة وخلع الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك، أي إن المخططين لها اختاروا على ما يبدو موعد ثورتهم في منتصف فترة ولاية الرئيس الأمريكي باراك أوباما، التي لا تثير فيها الأزمات اهتمام وزارة الدفاع (البنتاغون)، لتنعكس على السياسة الخارجية الأمريكية للغرب بحسب بعض المحللين.
ترى، هل سيعود «الأخوانچية» إلى كرسي الحكم بعد خمسين عاما، كمثال طرحه «كبيرهم»؟
لا
الفرصة تبددت، وصفّارة الشعب أنهت المباراة «بركلات ال....»، وبعد هذه الثورة سوف لن يكون أي من الدكتاتوريين آمنا في دول عديدة.