المنبرالحر

كوباني _ تلك اللعبة المفضوحة..!!؟ / باقر الفضلي

لم تعد اللعبة السياسية على صعيد إدارة التحالف الدولي، الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية، وبالذات ما يتعلق منها بذلك الجزء المناط تنفيذه بعهدة الدولة التركية، العضو الحليف والمتميز بين أعضاء ذلك التحالف، لم تعد تلك اللعبة بهذا التعقيد والغموض، الذي يتطلب الكثير من الفطنة ومعرفة الأسرار وفك عقدها والتبحر في زواياها وكشف خفاياها، حيث لم تعد هناك الكثير من تلك الخفايا التي تستعصي على فطنة المراقب للأحداث، فدماء المدافعين البواسل من أبناء مدينة كوباني السورية الحدودية مع تركيا، وحدها من تعلن حقيقة الموقف في تلك المدينة، ومدى مصداقية كل من يتباكى ليل نهار، على سلامة كوباني، وحرصه على أن لا تقع كوباني ضحية تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" ، ومدى ما يعنيه ذلك من خطر داهم على مصالح وسلامة الدول المجاورة وفي مقدمتهم تركيا، ذات الحدود الطويلة مع دولة سوريا، والمعبر الرئيس لكل من جند ويجند نفسه في خدمة الإرهاب المستشري في كل من سوريا والعراق ولبنان ومصر وغيرها من الدول الأخرى المرشحة للتغيير في المنطقة..!؟

فلعبة تركيا بشأن كوباني باتت واضحة المعالم، ففي الوقت الذي تربض فيه دبابات الجيش التركي على حدود المدينة من جهة الشمال، مانعة بذلك السماح لأبناء كوباني من الأكراد الذين إضطرتهم وعوائلهم، هجمات ذلك التنظيم العبور الى مناطق الحدود التركية، من العودة الى مدينة كوباني [ عين العرب] لمساعدة من تبقى من أبنائهم في المدينة من الذين يخوضون دفاعاً مستميتاً من أجل مدينتهم ضد الفلول الإرهابية، منذ ما يزيد على الشهر، في مثل هذا الوقت، الذي تشدد فيه التنظيمات الإرهابية من حصارها للمدينة في محاولة لإجتياحها، فمن جانبها الإدارة التركية، وبعد كل ما قدمته لتلك التنظيمات من وسائل الديمومة والبقاء، ومن فتح الطرق أمامها لإستباحة الإراضي السورية والعراقية، تعلن اليوم إستعدادها للمشاركة مع التحالف الدولي في حربه ضد الإرهاب، ولكن بشروطها الخاصة، التي أقل ما يقال بشأنها بأنها محاولة مرفوضة للتدخل بالشأن الداخلي للدولة السورية، والتستر بالإرهاب كذريعة لتحقيق ما إستمرت في تكراره دون إنقطاع، من إحتجاز مناطق داخل الحدود السورية، كملاذات آمنة كما إعتادت تسميتها، مشترطة في عين الوقت، أن تتوجه قوات " التحالف الدولي" للإشتباك والتحرك ومجابهة الجيش النظامي لدولة سوريا، بأمل أن يتحقق ما إستهدفته في كل مواقفها منذ ما يزيد على أربع سنوات، والذي يتركز في "إسقاط " النظام السوري..!؟)1)

وفي موافقتها أخيراً بدخول مجموعات من البيشمركة العراقية وبأعداد رمزية، الى مدينة كوباني دون موافقة الحكومة السورية ورغم تنديدها بالتصرف التركي؛(2) ومن جهة أخرى، السماح الى مجاميع من الجيش الحر السوري المعارض بالدخول الى المدينة؛ كل هذا في محاولة منها للضغط على الحكومة السورية، ووضع المقاتلين الأكراد [ حماية الشعب] من أبناء كوباني ومن أعضاء الحزب الديمقراطي الكردستاني في سوريا، الذي تتهمه تركيا بأنه منظمة إرهابية ، وله صلات بحزب العمال الكوردستاني في تركيا، الذي هو الآخر تتهمه الحكومة التركية بأنه منظمة إرهابية وفقاً للتصنيف الأمريكي، ( علماً بأن كل من الحزبين الكورديين العراقيين ( حدك وأوك) ما زالا مدرجين على نفس قائمة ذلك التصنيف)(3) ، في موضع الحرج في موقفها أمام قوات الحكومة السورية، وإجبارها على قبول الأمر الواقع، بعد سماح السلطات التركية لفصائل من الجيش السوري الحر المعارض الدخول الى المدينة عبر الأراضي التركية، مما يأتي في الحسابات الأخيرة في خدمة ما يهدف له تنظيم الدولة " داعش " ، وما يصب في مصلحة الحكومة التركية، في الخروج من أزمتها الداخلية، وفي تحقيق مراميها، وبالتوافق مع مرامي "التحالف الدولي" في إسقاط النظام السوري، بإعتبارها أحد أقطاب الحلف المذكور، غير آبهة بأن موقفها هذا يدخل في عداد الإنتهاك الصارخ لسيادة دولة سوريا، وخرق فض لمباديء القانون الدولي، ولميثاق الأمم المتحدة، ولكل أعراف حسن الجوار والعلاقات الدولية..!!؟(4)

إن كل ما يجري على مشارف مدينة كوباني، وما تضطلع به الإدارة التركية من مهام بهذا الشأن، ناهيك عن كل ما يخفيه طابع الغموض الشامل الذي يكتنف خطط وأهداف ما يدعى ب "التحالف الدولي" لمحاربة الإرهاب، خارج نطاق مجلس الأمن، كل هذا لا يزيل الشكوك عن طبيعة ما تبيته دول هذا التحالف، وفي مقدمتها تركيا، بالنسبة لدولة سوريا، حيث لا زال تدفق المسلحين الاجانب من اكثر من 80 دولة اجنبية وعبر الحدود التركية الى سوريا والعراق، يجري على قدم وساق، وفقاً لتقرير أممي يلقي الضوء على طبيعة ما يقال عن حقيقة الحرب على الإرهاب التي يديرها التحالف الدولي بقيادة أمريكا في المنطقة..!؟(5)

فرداء الإرهاب لم يعد يقي لابسيه من نتانة الفضائح السياسية التي باتت تزكم الأنوف، ولعل فضيحة استيلاء " داعش" على طرود الأسلحة الأمريكية الملقاة الى المقاتلين الأكراد في كوباني، وحدها ليست في معرض الحاجة الى بيان ، أو حتى الى أي تعليق..!(6)