المنبرالحر

سي مرسي شكراً ! / د.عامر حسن فياض

ان التعامل مع سي مرسي ، يعد تعاملاً مع ظاهرة (جميعة) من الجميعات السياسية في علم الاجتماع السياسي .. تلك الظاهرة تجمع الرئيس المنتخب لدولة (مصر) والحزب الحاكم للدولة (حزب الحرية والعدالة) وحركة تنظيم عالمي(الاخوان المسلمين ) . وهذا المرسي (الظاهرة) يستحق الشكر لانه حقق بأمتياز مايأتي:-
اسقاط الاخوان المسلمين
اولاً: على حد تعبير الشاعر المصري المعروف احمد فؤاد نجم اسقط مرسي ، بسبب فشله في الحكم ، ولوحده حكم الاخوان المسلمين الذين لم يستطع عبد الناصر ولا السادات ولا مبارك اسقاطهم !
توحيد الارادة الشعبية
ثانياً: على حد تعبير سيدة مصرية في ميدان التحرير جاءت(لتشكر مرسي ) لانه «وحد الشعب المصري « ولتصبح الارادة الشعبية بفضل فشله في الحكم ناصعة التوحد بين الشعب المصري والجيش والشرطة والازهر والكنيسة والقضاء والفن والرياضة .
الوعي لحقيقة الشرعية الناقصة
ثالثاً: ان اصرار مرسي على اعمام المفهوم الخاطئ لـ (الشرعية) اوضح المفهوم الكامل والواضح للشرعية والذي يفيد ان الشرعية تعني قبول ورضا المحكومين عن الحاكم ، بيد أن هذا القبول وذلك الرضا يبنى على ركنين لا ركن واحد كما يرغب مرسي ويصر .. وهما ركن القبول بالانتخابات وركن الرضا لاستمرار القبول بالانجازات . بمعنى اخر ان الشرعية بمفهومها السليم هي حاصل جمع وتفاعل بين نصف الشرعية الانتخابي ونصف الشرعية الاخر الانجازي . فلا شرعية بدونهما او بدون احدهما . ودون الركن الاول (الانتخاب) يصبح الانجاز - ان توفر- خالاً من الحريات ومشجعاً على خلق الشمولية وتصلب الفاشية . ودون الركن الثاني (الانجاز) تصبح الانتخابات لعبة ليوم واحد تتبعه ايام سنوات اربعة خالية من المعاني والمضامين الانجازية .
حذار ووقاية
رابعا: اثبت فشل حكم مرسي ان كبار الاخوان المسلمين ممولين تمويل (براني) وان صغارهم مظللين تظليلاً (جواني) وان فشلهم في حكم مصر يبعث رسالة تحذير ووقاية ودرس ثم عبرة لشعوب عربية واسلامية خارج مصر يعيش بعضها ، حتى الان، هذا الفشل (تونس،ليبيا وقبلها تركيا على سبيل المثال) وبعضها الاخر يفكر او يعمل في ان يخوض مثل هذه التجربة الفاشلة وفق المشروع الامريكي الصهيوني الاخواني كما يراد تطبيقه في سوريا على سبيل المثال .
الفرق بين المسلم والمتأسلم
خامسا: شكرا لمرسي الذي علمنا فشله كيف نميز بين المسلم (الدواء) والمتأسلم (الجرثومة) فالمسلم يسعى الى المشاركة والمتأسلم يسعى الى المغالبة والمسلم مؤمن بربه وكتبه ورسله جمعيا ، والمتأسلم اما مؤمن بالسلطة بحثا عن الثروة او مؤمن بالقتل بحثا عن الدم او مؤمن بالاثنين معا !
والمسلم هو من لا يتخلف عن القدماء الذين غادرت اجتهادتهم ركام ما هو قديم عن ازمنتهم ، والمتأسلم هو من يتقدم باصرار لاستنهاض ركام القدماء الذين تخلفوا عن اجتهادات الاقدم منهم ! يهتم المسلم بايمانه ويهتم المتأسم بايمان الاخرين ! والمسلم يستفتي ربه والمتأسلم يستفتي مرشده ! والمسلم يسامح والمتأسلم يذبح حتى من يسامحه!
الدين عند المسلم عقيدة تفكير والدين عند المتأسلم عقيدة تكفير ! وشغل المسلم الشاغل انارة المناطق الغامضة في الدين بمصباح العقل حتى لا يكون الانسان ، في النهاية، ضحية القوى التي تستفيد من غموض الدين لكي تقهر الجنس البشري ، بينما الشغل الشاغل للمتأسلم اظلام المناطق المنيرة في الدين بالقتل والدم حتى يكون الانسان ، في النهاية، ضحية القوى التي تستفيد من غموض الدين لكي تقهر الجنس البشري !
هدف المسلم ممكن ان يكون اي شيء الا ان يكون سلبياً هادما ، بينما هدف المتأسلم ممكن ان يكون اي شيء الا أن يكون ايجابياً معمراً ! والمسلم يحاول انطاق عقله ، والمتأسلم يحاول اغلاق عقله ! والمسلم لديه وعي مستيقظ ، والمتأسلم لديه وعي نائم ! والمسلم دينه حلم العقل البشري ، والمتأسلم دينه كابوس العقل البشري ! والمسلم يتجه بدينه نحو الاسلام ويتخذ من سعادة الانسان هدفاً ومقصداً له ، والمتأسلم يتجه بدينه نحو الانسان ويتخذ من تعاسة الانسان هدفاً ومقصداً له !
ان غاية المسلم الوصول بالدين الى اسمى درجات الكمال ، وان غاية المتأسلم الهبوط بالدين الى ادنى درجات النقص ! والمسلم يجعل من المحبة ارقى اشكال الدين الذي يبشر به ، والمتأسلم يجعل من الكراهية ارقى اشكال الدين الذي يبشر به!
يرى المسلم في الدين قوة حية تمجد الحياة وتزهر واقع الناس ، ويرى المتأسلم في الدين قوة مميتة تمجد الالم وتعذب واقع الناس ! والمسلم يعيش مع الدين على المستوى الجوهري ، والمتأسلم يعيش مع الدين على المستوى اللفظي ، والمسلم لايتخوف من البحث العلمي في الدين ، والمتأسلم يتخوف من البحث العلمي في الدين ! والمسلم دينه انساني ، والمتأسلم انسانه ديني .لأجل كل ما تقدم نقول لمرسي ، بسبب فشل ظاهرتكم تعلمنا كثيراً .. شكراً..شكراً ياسي مرسي !