المنبرالحر

الاسلام السياسي والديموقراطية / جمعة عبدالله

الربيع العربي جاء كرد فعل ونتيجة منطقية لتراكم ، جبال من معاناة الشعوب وقهرها واستبدادها ، من قبل الحكام الطغاة والمستبدين . فقد تمادوا في قمعهم وممارساتهم الارهابية ، وضيقوا الخناق على شعوبهم اكثر من المعقول ، وبهذا تفجر الغليان الشعبي الواسع بانتفاضات جماهيرية . تطالب بالحرية والديمقراطية ، والانعتاق من القيود والاغلال ، وسنحت الفرصة الكبيرة للاحزاب الاسلامية ، ان تتصدر واجهة هذا الربيع ، من خلال طرح شعارهم المفضل ( الاسلام هو الحل ) ، واضفاء على عملهم السياسي الصبغة الديموقراطية ، وتبني بعض شعاراتها ، وانطلت هذه اللعبة والخداع السياسي ، على غالبية افراد شعوبهم . رغم ان الاحزاب الاسلامية بكل مسمياتها ، تعتبر الديموقراطية بدعة ونتاجا غربيا ، غير قابل للنمو ، ولا يمكن ان يجد ارضا خصبة له على الواقع العربي ، وان رضاءهم او رضوخهم او انفتاحهم الديموقراطي في بداية احداث الربيع العربي . ليس عن قناعة ونهج ، ، وانما ركبوا ظهرها وسيلة لتوصلهم الى السلطة ومقاليد الحكم ، واضفاء صفة الشرعية في استلامهم مفاتيح الحكم ، واغتنام الفرصة الذهبية لتدعيم اركان سلطتهم . وهذا ما يفسر حالما جلسوا على كرسي الحكم ، عبر الانتخابات ، حتى تمردوا على الديموقراطية ، ومزقوها شيئا فشيئا في استمرارهم ، في التحكم بالقرار السياسي للدولة ، ، بحيث لم يعطوا المجال والفرصة لمشاركة الاخرين ، الذين ساهموا في صنع ونجاح الربيع العربي ، اذ عادوا الى وقناعاتهم بصدد الديموقراطية ومفاهيمها . ، بعدم القبول بالاخر ، ورفض الحداثة والتطور ، والتضييق على الحريات العامة والشخصية، وفرض نمط حياتي بالقوة والاكراه.
ومن خلال تجربتهم في الحكم وقيادة شؤون بلاد نهم ، لم يقدموا البديل المناسب والمقبول ، في معالجة المشاكل والازمات التي يعاني منها المواطن . ولم يقدموا برنامج اصلاحي ، ينقل بلدانهم الى حالة ارقى واحسن من النظم التي ابتلعها الربيع العربي ، وفشلوا في معالجة القضايا الساخنة ، التي تهم شعوبهم ، واخفقوا في مسائل حيوية مثل الاستقرار السياسي والحالة الامنية . والازمة الاقتصادية التي ترهل وترهق المواطن البسيط ، ووقعوا في مطبات واخطاء جسيمة ، مما زعزعت ثقة المواطنين بهم ، وضربت مصداقيتهم في الصميم ، وانكشف خداعهم ومكرهم السياسي ، مما اجج الغليان الشعبي من جديد ، بحالات التذمر والسخط العارم ، وضاعت مفاتيح شعارهم المفضل ( الاسلام هو الحل ) . بل حافظوا على خطابهم الديني المحافظ والسلفي ، وحنينهم الى الماضي السحيق ، بحجة تطبيق الشريعة الاسلامية . وبذلك وجهوا الطعنات الى ديموقراطيتهم المزعومة او المزيفة ، ، ومن الصعب جدا القول : بان الديموقراطية انهزمت اوفشلت ، لان الديموقراطية بمعناه الصحيح والسليم لم تدخل بعد في البلدان العربية ، ولم تكن هناك عادات وتقاليد واعراف ديموقراطية ولا ثقافة ديموقراطية ، ولا تعامل سياسي مبني على اوجه سليمة ، وان الديموقراطية لم تطبق على الواقع العربي ، وليس انها محصورة في صندوق انتخابي ، من الممكن التلاعب به .
ان خصال الديموقراطية غابت في كل البلدان ، التي تزعمت قيادتها الاحزاب الاسلامية بكل مسمياتها ، ومثال على ذلك تركيا التي تعتبر افضل من طبق الديموقراطية في الشرق الاوسط ، رغم هذا فان الاتحاد الاوربي لم يقيم هذه الديموقراطية ايجابيا بالمستوى المطلوب ، وهذا علة الاسباب في عدم انضمام تركيا الى الاسرة الاوربية .
ان الاحزاب الاسلامية تلقت صفعة قوية ، نتيجة فشلها في قيادة بلدانهم ، لان كل همهم واهتمامهم ، هو رسم خارطة لدولة الدينية . وهذا الفشل سيؤثر على مستقبلهم المنظور. اما اصلاح مواقفهم السياسية ، ومراجعة مسيرتهم وتجربتهم السياسية ، وتصليح الاخطاء والنواقص ، وتفهم قواعد اللعبة السياسية ، والاعتراف بالخط السلمي في الصراع السياسي . واما اللجوء الى العنف الدموي ، وتاريخهم السياسي حافل في هذا المجال ، مما يعزز سقوطهم السريع.