المنبرالحر

"أمريكا شيكا بيكا" / مازن العاني

مازال الوضع في بلادنا صعبا ومعقدا ، تتشابك فيه المواقف وتتناقض معه الاحداث. في احيان تلتبس عندك الرؤى، وفي احايين تجد القضية المعينة ونقيضها في الوقت ذاته .
الجهد الدولي الداعم للعراق في المواجهة مع الارهاب ضروري في هذه اللحظة المفصلية، ارتباطا بطبيعة تنظيم الدولة الاسلامية "داعش" واهدافه الشريرة، و لكنه طاعوناً اسود، كرايات قطعانه المهترئة ولحى قتلته الكريهة يستهدف الجميع. طاعون ياتي على الزرع والضرع، ويسحق الشجر والحجر، ولن يبقي ولن يذر، اذا قدر له ان يبقى طويلا.
الجهد الدولي لمواجهة داعش يأتي متسقا مع قراراي مجلس الامن 2170 و2178 في آب وايلول الماضيين، ومطالبتهما بوقفة عالمية مشتركة لمواجهة خطر الارهاب والقضاء عليه. وليس بدعة او ضلالة سياسية ان تلتقي مصالح الفرقاء او الاضداد في لحظة ما حول مواقف واجراءات مشتركة. ولنا في تحالف الاتحاد السوفيتي مع الغرب الامبريالي ابان الحرب العالمية الثانية، لمواجهة الفاشية والنازية ودحرهما، مثال واحد من امثلة كثيرة للتاكيد على ذلك.
ومفهوم ايضا، لا بل مطلوب، ان تقوم الاطراف الدولية، بضمنها امريكا، بتقديم كل اشكال الدعم من تدريب وتسليح ومعلومات وامور لوجستية اخرى للقوات المسلحة العراقية، لا بل مفهوم ان يقدم كل ذلك الى قوات البيشمركة و الى مقاتلي العشائر في المناطق الغربية. كل هذا مفهوم، لكن من غير المفهوم، لا بل المرفوض، ان يتم ذلك من وراء ظهر الحكومة الاتحادية ومن دون التنسيق معها، لان الامر هنا سيخرج عن سياق العلاقات الطبيعية بين الدول التي تحكمها وتنظمها الاعراف والمواثيق الدولية، في مقدمتها ميثاق الامم المتحدة، ويصبح خرقا فاضحا لهذه الاعراف ومساً بالسيادة والاستقلال الوطنيين، ولا توجد دولة واحدة تحترم نفسها تسمح بذلك.
بات من البديهيات الترديد ان امريكا تتحرك وفقا لمصالحها ، وهي لا تقدم دعمها لسواد عيون احد، بل غالبا ما كان دعمها سببا في سواد وجوه من تقدم له الدعم. امريكا اليوم تستشعر خطر داعش على المنطقة وعلى العالم، لهذا فهي تتحرك، وهي تزعم انها ضد تقسيم العراق، وترى في هذه اللحظة انه يضر بمصالحها، وسنصدقها، ولكن لن نصدقها اذا ادعت انها لا تعمل على ابقاء الوضع معلقا وعلي تفتيت القوى السياسية وبعثرتها، بما يسهل عليها التعامل معها وتحريكها كلاً على انفراد، كي تبقى كل خيوط اللعبة بيد واشنطن.
في وقتها تغاضى البيت الابيض عن داعش والنصرة في سوريا. وحين زحفت قطعان داعش وغربانها السود صوب العراق ظل الموقف الامريكي لفترة ليس بالقصيرة مراقبا متراخيا مترددا خافتا في الحديث عن الجرائم. وبدلا من تحرك امريكي سريع لحلق ذقون الدواعش، وجدها اوباما فرصة اخرى للضحك على ذقوننا، حين راح يردد انه "لا يجوز ان نُحضٌر الحصان قبل العربة"، وان عملية القضاء على داعش تتطلب سنوات عديدة".. !. لأيهامنا بأن امريكا لا تملك استراتيجية للتعامل مع داعش.. !.
الولايات المتحدة بلد تحكمه المصالح البحتة، وينطبق عليها اكثر من غيرها القول " ليس هناك من صداقات دائمة او عداوات دائمة، هناك مصالح دائمة"، وكما يقول البعص لو كانت مصلحة واشنطن مع بلاد تركب الفيلة ستروض الادارة الامريكية شعبها كي تملأ الفيلة شارع المال والبورصة "وول ستريت؛ وعموم شوارع مانهاتن بدلاً من السيارات!"، وصدق من قال؛
"امريكا شيكا بيكا .. تِلَعبَك عَ الشَناكل وتجيب عاليكا واطيكا".