المنبرالحر

رعاية الكفاءات العراقية العائدة / ابراهيم المشهداني

ليس بين الدول التي ارتقت سلم التطور الاقتصادي والاجتماعي مثل اليابان وماليزيا وسنغافورة في اسيا ناهيك عن دول اوربا وأمريكا من لا تعتمد على كفاءاتها الخاصة وعلى الكفاءات الوافدة في تحقيق هذه القفزات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الامر الذي جعلها تتصدر البلدان الاخرى في كل نواحي الحياة .
والعراق ليس خارج هذه القاعدة إذ ينبغي ان يضع الطاقات البشرية في مقدمة العوامل في عمليات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لاسيما وانه في ظل الظروف الراهنة ، حيث تدهور العراق اقتصاديا وتعرضه الى حملة تخريب في قاعدته التحتية من قبل العصابات الارهابية التي لم تترك معلما تاريخيا وموردا اقتصاديا إلا وسعت الى تخريبه وإزالته من الوجود مما يلقي على الحكومة مهمة اعادة بناء البنية التحتية المخربة وليس بإمكانها مهما توفرت لها من مصادر التمويل دون ان توظف طاقاتها البشرية في عملية اعادة الاعمار وخاصة الكفاءات العراقية العائدة والتي سبق ان تعرضت الى عملية تهجير منظمة الى دول اللجوء في اوروبا واسيا وأمريكا من قبل النظام البعثي المباد ،او نتيجة الاغتيال والتهديد والخطف بعد التغيير عام 2003 . وبعد ان استكملت تأهيلها في تلك البلدان خلال سنوات اللجوء عادت الى الوطن من اجل الاسهام في اعادة البناء ومنهم وللأسف ، من تحمل اعباء الاهمال والصدود من الحكومات العراقية رغم التصريحات والمؤتمرات التي لم تنتج حلا ،فآثر العودة الى بلاد المنفى وظل البعض الاخر متشبثا بأرض الوطن رغم معاناة البطالة متحليا بالصبر والأمل .
ان وزارة الهجرة والمهجرين وهي المعنية قبل غيرها في تدوين البيانات الخاصة بالكفاءات العائدة ، تشير الى ان الكفاءات العائدة قد وصل الى ما يقارب 3429 في مختلف الاختصاصات الاقتصادية والطبية والعلمية والإنسانية وهذا الرقم يشكل ثروة بشرية فلا يمكن ان نضع ملفاتهم في سلة المهملات بل ان من واجب هذه الوزارة متابعة هذه الثروة مع بقية الوزارات وخاصة وزارة التخطيط ووزارة التعليم العالي ، وغيرهما من الوزارات وإيجاد فرص العمل التي تتناسب مع اختصاصاتهم لكي تأخذ دورها في تنفيذ الخطط التنموية التي وضعتها وزارة التخطيط والتي لابد من وضعها موضع التنفيذ .
ومن الطبيعي ان يكون النظر الى الكفاءات عاما وشاملا بحيث تأخذ بالحسبان مخرجات العملية التعليمية في كافة الجامعات العراقية خلال السنين الماضية وخاصة اصحاب الشهادات العليا ودون ذلك فان المعادلة تبقى ناقصة في احد اطرافها على الرغم من ان هذه العملية لم تكن متوازنة مع الحاجات الاقتصادية والاجتماعية فعملية الانتاج التي تجري ، في غاية البطء لم تكن متوافقة مع خطط التنمية البشرية التي تتولى ادارتها المؤسسات التعليمية والتي تعمل في واد مختلف .
ان مهمة اعادة البناء تستلزم من بين امور عديدة اعادة منهجية التعليم في مختلف المراحل بالتناسب مع الخطط الاقتصادية التنموية ، وعوامل نجاحها كما ان الجهات المعنية وخاصة وزارة التخطيط ووزارة الهجرة والمهجرين عليها ان تضع في حساباتها وخططها عملية متكاملة لجذب الكفاءات العراقية المغتربة ، وان تسهل عودة اسرهم ، وإزالة كافة المعوقات التي تحول دون ذلك بما فيها توفير التخصيصات المالية المناسبة لحل مشكلة العمل والسكن والتعليم ونشير خصوصا الى ألاف الاطباء المهاجرين والمهجرين الذين تعرضوا الى مخاطر الابادة والتهديد والخطف على ايدي عصابات منظمة فالبلاد وما تعانيه من نقص في كادرها الطبي والمؤسسات الصحية تتطلب اتخاذ الاجراءات الحاسمة لتوفير الاجواء المناسبة لعمل هذه الكفاءات لاسيما ان آلاف الاطباء متواجدون في بلاد اللجوء خاصة في بريطانيا وأمريكا ودول اوربية اخرى ففي لندن وحدها على سبيل المثال يوجد 5000 طبيب اختصاص ويتولون مراكز علمية مهمة بحاجة الى توفير عوامل العودة وفق خطة مدروسة جاذبة .