المنبرالحر

نظام المحاصصة يحجم الموظف العراقي / منعم جابر

عانى الموظف العراقي شظف العيش ابان النظام المباد، حيث قاسى من وضع اقتصادي بائس بسبب ارتفاع الاسعار وتدني القدرة الشرائية للدينار العراقي، فاصبح ما يقبضه من راتب لا يسد قيمة كيلو من اللحم او ثمن دجاجة، ناهيك عن سياسة التبعيث الاجباري وعسكرة المجتمع اضافة الى ملاحقات الجيش الشعبي والتجنيد الاجباري، حيث كانت الدوائر الحكومية المصائد التي نصبها النظام لشعبه، والموظفون الصيد السهل لشباكهم وكثيرا ما يجري سوقهم قسريا الى ساحات الحروب العبثية التي اعتمدها الدكتاتور المتهور منهجاً وسلوكاً، وقد ذهب الكثير من موظفي مؤسسات الدولة الى «درب الصد ما رد» ليتركوا وراءهم الارامل والثكالى والايتام.
بعد انهيار الدكتاتورية وانبلاج فجر الحرية والديمقراطية ابتهج المواطن بغد سعيد ووطن تسوده العدالة وتكافؤ الفرص واعتماد الهوية الوطنية معياراً لقيم الكفاءات وفتح المؤسسات وتجاوز الماضي الاسود البغيض واعتبار الوطن للجميع وان مسؤولية الدفاع والبناء هي مسؤولية كل ابنائه بكل طوائفهم وقومياتهم ومذاهبهم واديانهم وانتماءاتهم السياسية والحزبية ومناطقهم وعشائرهم.
وقد توقع العراقيون العيش بتآخ وسلام ولكافة الطوائف والأقليات بعد سنوات ظلم واجحاف، بيد ان الواقع انقلب عكس ذلك بسبب المخططات التآمرية الداعية لاثارة الفوضى القومية والدينية فيما بينهم، وبالنتيجة كان الشعب وأبناؤه الموظفون هم المتضررين من كل ذلك، فالموظف يسعى وبكل جهد من اجل الحصول على الترقية والتقدم الوظيفي ليحل في مكانه المناسب ووفق قدراته وقابليته الوظيفية، بل بعضهم يجهد من اجل تنمية قدراته الوظيفية ويشارك بدورات التأهيل ويتعلم اللغات والحاسوب لغرض التدرج الوظيفي على ضوء التميز بالجهد المبذول، لكن دون فائدة، والسبب سياسة المحاصصة المقيتة التي انتهجتها الحكومات بعد التغيير ، واصبح التمييز على اساس الطائفة والقومية والدين والمذهب والعشائر وحتى المناطقية احيانا هي العرف المتداول في عمل الوزارة هذه او تلك ، فالموظفون المحسوبون على طائفة معينة عليهم ان لا يفكروا باخذ مكان ومزاحمة نجوم الطائفة «صاحبة الامتياز» وما دام معالي الوزير من نفس طائفتهم ، وعلى الاخرين اما التنكر للطائفة او الرحيل او القبول بالقليل وابتداء من اعلى المناصب مروراً با صغرها.
اقول وبصراحة كيف نستطيع ان نبني وطناً قوياً خالياً من المشاكل اذا كان الموظف البسيط يحجر بقضبان محددة اسمها الطائفية والمحاصصة اللعينة؟