المنبرالحر

ماذا يعني تجفيف منابع الارهاب ؟ / زهير كاظم عبود

بعد أن صوت مجلس الأمن بالإجماع بتاريخ 12 شباط 2015 على قرار يقضي بتجفيف منابع تمويل المتطرفين والإرهابيين ، فقد شمل القرار تنظيم ما يسمى بداعش وتنظيم النصرة في سوريا باعتبارهما من التنظيمات الإرهابية الإجرامية المتفرخة من تنظيم القاعدة الإرهابي والإجرامي .
أن المقترح قدمته روسيا وشاركت معها 37 دولة بقصد إيقاف الدعم والتمويل الذي تتلقاه التنظيمات الإرهابية ، سواء كان الدعم من دول باتت معروفة للجميع أو من شخصيات أخرى ، ومن منظمات بعض منها معروف وبعض منها يتخذ من اسماء وستائر لإيصال التمويل المالي واللوجستي للتنظيمات الإرهابية .
ومن المعروف أن هذه التنظيمات لا يمكن لها أن تستمر وتتمادى في ارتكاب الجرائم ضد الإنسانية مالم تتلقى الدعم المادي والمعنوي من جهات عديدة ، من خلال تلقيها المنح والمساعدات أو من خلال التعامل والإتجار معها ، حيث شملت فقرات القرار الصادر عن مجلس الأمن محاصرة التمويل الخاص بهذه التنظيمات .
وطالبت مجموعة الدول التي ساندت روسيا في تقديم مشروع القرار الى مجلس الأمن ومنها العراق ، طالبت مجلس الأمن بتجميد الأصول المالية لهذه المجموعات والامتناع عن المتاجرة معها بشكل مباشر أو غير مباشر ، بالإضافة الى ضرورة ضبط تهريب الشاحنات التي تمر عبر الحدود التركية الى كل من العراق وسورية ، بالإضافة الى متابعة وملاحقة الآثار المسروقة وحظر المتاجرة والإتجار بها ، ومنع المتاجرة بالنفط عبر الحدود واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لمصادرة الشاحنات والقبض على المتاجرين مع التنظيم الإرهابي .
ومن بين أهم بنود القرار التوصية التي أصدرها للأعضاء بلزوم الامتناع عن دفع الفدية التي يطلبها التنظيم الإرهابي عن المخطوفين ، وطالب القرار أيضا معاقبة الأشخاص والشركات والبنوك التي تتعامل مع التنظيمات الإرهابية بما فيها تنظيم القاعدة وأن تقوم بتجميد الأموال التي لها اية علاقة بالإرهاب .
وتعني عملية تجفيف منابع الارهاب ليس فقط ايقاف تمويلها المادي ، أنما تهدف الى تغيير الخصائص المنتجة لهذه التنظيمات الاقتصادية منها أو السياسية ، والتعمق في معرفة أسباب أنتاجها وديمومة استمرارها وكافة الأشكال التي تدفع لبقائها ، تجفيف المنبع أي التوصل الى عمق الأصل في ظهور هذه الظاهرة ، وهذا الأمر لا يكفي أن يقوم به قرار من مجلس الأمن، مالم يقترن بعقيدة انسانية تلزم أولا بعض الدول الحاضنة والداعمة للإرهاب ، وان يتخذ الموقف الدولي في حال عدم التزامها او مراوغتها في تنفيذ القرار ، كما أن احالة الشخصيات والمنظمات الممولة والداعمة للإرهاب يشكل جريمة ضد الإنسانية ، ومشاركة جنائية فاعلة تستوجب الادانة والعقوبة .
أن تجفيف منابع الإرهاب يتطلب أيضا موقفا وطنيا من كافة شرائح الشعب ، يتناسب مع تغيير الخصائص التي يتميز بها التنظيم الإرهابي ، ومواجهته بموقف موحد يجعل فيه مصلحة البلد وحياة الناس وأمنهم بعيدا عن الحقد والكراهية والتمايز الديني أو الطائفي ، موقفا يتطلب منا جميعا أن نساند القوات المسلحة والحشد الشعبي وقوات البيش مركة وقوات حماية سنجار وكل المدافعين عن سيادة وكرامة البلاد ، وتخليص البلاد من براثن هذا الوباء البشري ، في مثل هذا الموقف نتمكن من تجفيف المنابع العميقة للإرهاب واقتلاعه من جذوره في بلادنا .
ويأتي قرار مجلس الأمن ليعبر عن الإرادة الدولية للمجتمع الدولي في أن يكون له موقف أزاء ما يجري في العراق وسورية ، وان يكون له موقف من الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة الجماعية التي ترتكبها التنظيمات المتطرفة والإرهابية المضللة ، وأن يكون هناك الزاما لجميع الدول الأعضاء أن يكون لها موقف ودور فاعل من قضية مصادر تمويل الإرهاب ودعمه ومساندته ، وان تعي هذه الدول والشخصيات والتنظيمات المتطرفة خطورة ما يجري بحق الإنسانية ، ومع أن هذا القرار جاء متأخرا متجاوزا المرحلة الزمنية التي استفحل فيها التنظيم الإرهابي وتمادت بعض الدول في مساندته وتسهيل تواجده ، الا ان شمولية القرار لجميع التنظيمات المتطرفة والإرهابية يعطي بعدا وزخما آخر .
ان القرار الإيجابي لمجلس الأمن يشكل قاعدة أساسية يقف عليها المجتمع الدولي ، وإلزاما قانونيا لجميع الأعضاء في المساهمة بتجفيف منابع الإرهاب سواء في دولهم او في الدول الأخرى ، على أن يكون تصنيف هذه التنظيمات وفقا لما تسببه من ضرر جسيم وما ترتكبه من جرائم مهما كان دينها او جنسها أو لونها ، ومهما كان أسمها ، ولعل القرار يساهم في إنهاء وجود التنظيم المتطرف والإرهابي في المنطقة ، على ان نضع أمام انظارنا بأن خطر التنظيمات الإرهابية وأن كان متركزا على مناطق معينة في الشرق الأوسط ، فأن خطره على الإنسانية جمعاء كبير وجسيم .