المنبرالحر

( زنتْ حمدهْ، كتلوا احميّد) / عبد الله السكوتي

وقصة حمدة هذه قصة طويلة نحاول ان نختصرها، ونعرف ما دفعه احميّد المسكين، جراء فعل حمدة، وحمدة ابنة شيخ احدى القبائل المعروفة بالقوة والبطش، وهناك كثيرون يدافعون عنها، واحميّد ولد فقير جدا، وابوه فقير ومن عائلة مسحوقة، وكانت حمدة تمتاز بالخلق السيىء والخلاعة وعدم المبالاة، فهي وحيدة ابيها الشيخ المرهوب الجانب، وفي يوم غابت نجوم سعده بالنسبة لحميّد، خرج الى الحقل، فوجد حمدة مع عشيقها في حالة تلبس كاملة، ولم يستطع ان يمسك المسكين لسانه، وبسذاجة تامة جاء مهرولا الى الشيخ وهو يحسب انه يصون الشرف والعرض.
اخذت احميّد الغيرة على ابنة الشيخ، ونقل ما حدث للشيخ وهو ينتفض ويطلب غسل العار، وبعد الاخذ والرد ومساءلة حمدة، كان احميّد هو الكاذب ، وقد ارتكب جريمة كبيرة، وهي انه قذف ابنة الشيخ، ابنة الحسب والنسب بتهمة مسيئة لها ولأبيها، فحكم عليه بالقتل، وذهب دم احميّد هدرا.
واحميّد الجنوبي المعجون بتراب الارض، احميّد الاسمر، المقهور من قبل جميع الحكومات والاقطاعيات، احميّد سليل الامراض والاضطهاد منذ الاتراك وحتى البريطانيين الى الاميركان، ذهب ليدافع عن تكريت، فاتهم بشرفه، وصار لصا وسارقا، احميّد الذي لم يعرف شيئا عن داعش، ولا يعرف حتى من اتى بها، ويدفع دمه يوميا امتثالا لأمر الوطن، الوطن الذي ابتلى به احميّد ايما ابتلاء، لم يستفد ابدا ولم يضع لبنة على لبنة، وكان فقط يحلم ويحلم.
جثة احميّد مرة في سبايكر، ومرة اخرى في البو سودة والاخرى في الثرثار، وكأن الوطن صار تهمة لحميّد، كان في الثمانينيات، في الحجابات وفي خطوط التماس مع ايران، وبعد انتهاء الحرب اتهم بعراقيته، فصار هنديا وصفويا، كانوا في المحرقة كما يسميها من يمتلك واسطة تستطيع ان تجنبه الذهاب الى الجبهة، ثم اتهم احميّد بالعمالة وجففت مياهه وسلبت جاموسته الوحيدة، وهجر قسرا الى عربستان، والآن احميّد يدافع عن بنات الانبار، ولكنه يدخل الى البيوت لتطهيرها من داعش، فتكون المفاجأة، اذ يموت احميّد ببيت مفخخ وسيارة مفخخة.
والاغرب من هذا ان التهمة سابقة لتدخل احميّد في الحرب، انه متهم قبل ان يبدأ حربه، وهو مصر على خوضها، بجهل او بعناد، العالم جميعه لا يريد تدخل احميّد في الانبار، كي لا تحسب حسنة اخرى له بعد تحرير تكريت، فيكون حظ احميّد كبيرا في الوطن، او ربما صادر رجولة الآخرين، وهذا ما يخشاه من يتمترس خلف عاره، وطالما تمثل احميّد بما قال الشاعر في التجليبة:
( اجلبنك يليلي والهموم اطعوسْ.... كص كلبي زماني مثل كص الموسْ
اداري جم نذل واصبر لجم ديوس... واسكت لو حجه اليتنومس ابعيبهْ)
احميّد يويلي مارادوا يوافون، رادوا يغدرون، فلا تبتئس، يبقى الوطن هو الوطن من دهوك الى الفاو، وانت تبقى ملح هذه الارض الوفي، وسوف تكون الارض ماسخة بدونك، فكن بالمقدمة، ان كانت حربك او حرب آخرين، علمهم الايثار والحب، علمهم كيف تبنى الاوطان، واعط درسا لسياسييك اولا.