المنبرالحر

نحو خطوات تنموية متزامنة في ظروف الحرب / ابراهيم المشهداني

تتواصل الجهود من اجل طرد القوى الارهابية وحلفائها من الاراضي العراقية وتوظف الحكومة لهذا الغرض موارد مالية وبشرية غير قليلة في مواجهة سياسة الارض المحروقة التي تتبعها قوى الارهاب من خلال اتخاذها سكان المدن دروعا بشرية ما يتسبب ليس فقط في تدمير الانسان وانما ايضا في تدمير البنى التحتية التي تشمل المؤسسات الحكومية الادارية والاقتصادية والخدمية والثقافية, ناهيك عن توقف حركة الاقتصاد وتعطيل ديناميكيته.وعلى الرغم من خطورة ما يجري فلا يمكن للدولة ان تستسلم لبواعث الحرب ومقتضياتها، بل لابد من ان تكون استراتيجية الحرب متداخلة في إستراتيجية التنمية، خاصة ان اغلب المحافظات يسودها الاستقرار..
ان حركة الاقتصاد في معظم جزئياته تختلف بشكل كبير في ظروف الحرب عنها في ظروف الاستقرار الامني وليس من المتوقع ان يكون انجذاب الاستثمار الى العمل والبلاد في حالة حرب لأن هدف المستثمر الاجنبي وحتى الوطني هو تحقيق اقصى الارباح ايا كانت النيات المفترضة, ولكن دراسة الواقع الاقتصادي دراسة تحليلية واقعية في اللحظة التاريخية الملموسة من قبل الاقتصاديين والمختصين بالشأن الاقتصادي يمكن من خلالها التوصل الى حلول لتحريك الاقتصاد والانطلاق من الخطط التنموية الموضوعة على الرغم من التحديات التي تجابهها، ومنها على سبيل المثال الخطة الخمسية للأعوام 2013- 2017 التي بنيت على فرضيات عدة، منها خطة متوازنة مدعومة بقوة جذب اقطاب قطاعية ومكانية للنموالممنهج المعتمد على تغيير هوية الاقتصاد العراقي من اقتصاد ريعي الى اقتصاد انتاجي وعلى المدى البعيد وإرساء بيئة تمكينية بإتباع اسلوب حوكمة رشيدة وشفافة كبداية للدخول الى مرحلة التنمية المستدامة واعتبار التشارك بين القطاعين العام والخاص من المفاعيل الاساسية في التنمية المستدامة، واعتبار النمو المولد لفرص العمل فقرة اساسية في منهجية الاقتصاد من اجل التصدي للبطالة والفقر اللذين وصلت نسبتهما الى ارقام قياسية لاتقل عن 35بالمائة اذا اخذنا بالاعتبار وصول نسبة النازحين الى ما يقارب 3 ملايين نازح. وان كان من الصعب الخوض في تفاصيل الخطة الخمسية في مقالة قصيرة فإنه من الممكن الاشارة الى الخطوط العامة في المنهاج الحكومي خلال الحرب, وبعد الحرب سيكون لكل حادث حديث، ومن تلك الخطوط:
- اثبتت التجارب العالمية وخاصة تجربة الحرب العالمية الثانية ان الدولة تلعب دورا اساسيا في اعادة اعمار البنى التحتية التي دمرتها الحرب بالإضافة الى الاستثمارات الخاصة المحلية او الاجنبية، ويتعين في هذه الحال الابتعاد عن التشبث بالايديولوجية التي تحاول اطراف دولية فرضها من دون اللجوء الى التحليل العقلاني لواقع الاقتصاد ومن هذا المنطلق تتوجب اعادة تأهيل الشركات الحكومية وتفعيل دورها في زيادة الانتاج.
- الاهتمام بالقطاعات السلعية في القطاعين العام والخاص ورسم الخرائط المناسبة لزيادة دورها في الانتاج المحلي الاجمالي وهذا لا يمنع من اعطاء قطاع النفط اهتماما خاصا والتخلي عن المبالغات في حجم الانتاج من اجل الابقاء على ريعية الاقتصاد وتحويل الايرادات النفطية الى تنمية القطاعات السلعية تحقيقا للتوازن في الاقتصاد وإعادة النظر في عقود التراخيص، آخذين بنظر الاعتبار التغيرات التي تطرأ على اسواق النفط واشتراطاتها.
- العمل على التكامل بين القطاعين الزراعي والصناعي سبيلا لتنمية الصناعة التحويلية وسد الطلب المحلي من انتاج هذين القطاعين.
- وهذه التوجهات تشترط ايلاء الإدارة ذات الأداء الجيد اهتماما خاصا عن طريق اختيار العناصر المهنية والكفوءة ذات الخبرات العالية بعيدا عن التوازنات الطائفية الاثنية التي ادت الى تعاظم الفساد ونهب الموارد المالية وخلق طبقة طفيلية نهابة والتي وضعت البلاد في نهاية قائمة البلدان النزيهة.