المنبرالحر

الطقوس والمغالاة / طه رشيد

ممارسة الطقوس الدينية لأية طائفة حق يكفله الدستور، وهو حق لكل مواطن.. لكن هذا الحق لا يخولنا بإيقاف الحياة المدنية بسبب ممارسة هذه الطقوس! ( كما أفتى بذلك المراجع الكرام مرارا وكان آخرها الجمعة الماضية في خطبة الشيخ عبد المهدي الكربلائي)، وهو ما نراه اليوم حين يجري تقطيع اوصال المدينة، وسد الطرقات، وشل التنقل بين ضفتي دجلة. كل هذا يحدث بحجة ممارسة هذه الطقوس او تلك. ثم يترك البعض كل المنغصات ويمسك بلباب الموظف متهما اياه بأنه المستفيد الوحيد من توقف العمل، على اعتبار ان رواتبه جارية رغم عدم التزامه بالذ?اب إلى دائرته. وهذا تحليل خاطئ ليست له صحة او مصداقية لأن الموظف الكسول والمترهل والذي لا يعمل لا يحتاج إلى حجة لكي يتهرب من مسؤولياته، والدولة والحمد لله متخمة بهذا النوع من الموظفين. ولكن بالمقابل يوجد عدد كبير من الموظفين الحريصين على تأدية واجباتهم على أحسن وجه، ولا يفضلون العطلة الاجبارية التي يقضونها في البيت! والكلام ينطبق على الأساتذة والمعلمين وخاصة في الصفوف النهائية التي يحتاج فيها الطلبة كل دقيقة من أجل إكمال المناهج المقررة!
عود على بدء نقول بان المشكلة ليست في ممارسة الطقوس ولكن في طريقة ممارسة تلك الطقوس، وفي تنظيم حركة وسير الناس والمرور بيسر وسهولة. فليس من المعقول غلق معظم القناطر على قناة الجيش ومعظم الجسور على دجلة ثم نقول للناس اذهبوا لاعمالكم.
وإذا ما خففنا المسؤولية عن كاهل المسؤول فإن المواطن هو الآخر يتحمل جزءا كبيرا بممارسة بعض من الطقوس بطريقة لا تنم عن الشعور باية مسؤولية. ونقصد هنا مثلا اقامة مجالس الفاتحة، حيث يتم قطع شوارع هذا الحي او ذاك بنصب خيم كبيرة مبالغ فيها بدل ان يقيم مجلس الفاتحة في ساحة مجاورة أو في احد بيوت الله القريبة.
يقال ان الخليفة عمر بن عبد العزيز أراد أن يبني مسجدا عظيما يساهم ببنائه المسلمون من كافة الاصقاع. وراح يراقب المساهمين في البناء فرأى رجلا يحمل أحجار بناء اضعاف ما يحمله الآخرون ويركض جيئة وذهابا، فناداه الخليفة سائلا اياه عن بلده الأصلي فقال له من العراق. فقال له الخليفة : انتم العراقيين تبالغون في كل شيء! المغالاة مكروهة يا ناس فتجنبوها يرحمكم الله!