المنبرالحر

هجوم النظام على الرياضيين بدأ ببشار وانتهى بالسقوط / منعم جابر

كان النظام المقبور لا يقيم للابداع وللمبدعين اي اعتبار لان المهم عنده التطبيل والتصفيق للدكتاتور، الامر الذي نراه واضحا في قراراته ومواقفه من الرياضة والفن والادب فان لم تصفقوا للنظام ورأسه فلا مكان لكم في بيئته، هكذا كان الحال.
لقد تعرضنا نحن الرياضيين الى هجمة منتظمة قادها النظام بشكل مبرمج بعد ان وجد في الرياضة مجالا خصبا للفكر التقدمي واليساري وخاصة في مدينة الفقراء والكادحين الثورة (الصدر حالياً)، حيث اصدر قرارات سرية لمنع بعض الفرق الشعبية مثل: "اتحاد الثورة، ونهضة الشباب، والزمالك" من اللعب وتحرك للضغط على بعض شخصياتها مثل الراحل جاسم عودة وعبد الواحد حاتم وجلوب عبود لانهم يمثلون الوجه التقدمي لكرة القدم في الملاعب الشعبية وتحرك على مجموعة من نجوم اللعبة التي تستقطب الجماهير الكروية فكان الهدف الاول نجم المنتخب الوطني ونادي الشرطة بشار رشيد الذي كان يحظى بحب الجماهير والصداقة مع الجميع وفعلا اعتقل بشار واحيل مباشرة الى محاكمة صورية ليحكم بالاعدام، وليشكل هذا الحكم ضربة قاسية للشارع الرياضي والسياسي.
وما ان وصلنا الى الشهر الاخير من عام 1975 حتى بدأت الحملة الشرسة، حيث القي القبض على لاعب شرطة بغداد الراحل حسين شواي وزميله الملاكم الدولي سعدون مطشر ثم القبض على لاعب شرطة الانضباط عبد الجبار قاسم ولاعب الآليات ابراهيم جاسم الساعدي الذي صمد صمودا رائعا في التحقيق رغم قساوته وتم القبض على نجم الكرة الشرطاوي لعيبي فرحان وعلى لاعبي كلية الشرطة حسين السوداني وصباح فخري التركماني وتواصلت الحملة بقوة خلال الاشهر الستة الاولى من عام 1976، الا ان احبتنا كانوا بمستوى المسؤولية وتحملوا عذابات السجن والتحقيق، ورفضت الغالبية العظمى الاعتراف وعملت على تكذيب الادعاءات والتقارير.
وجد النظام ان الرياضيين ما زالوا يتعاطفون مع الشيوعيين ولهم علاقات صداقة قوية معهم، وحاول الفاشيست ان يتهموا بعض نجوم الكرة بعلاقات وهمية، حيث تم استدعاء الراحل عبد كاظم والضغط عليه والادعاء بوجود اعترافات ضده، الا ان ابا فراس كان أبياً وصامدا ورفض وانكر كل تلك التهم. وجاء الدور على النجم اللامع في سماء الكرة العراقية مظفر نوري وحاول المحققون ان يضغطوا عليه لكنه كان شجاعا وبعدها استدعوا لاعب الوطني والآليات صاحب الرأس الذهبية طارق عزيز الا انه تماسك وكان شجاعا. فكثيرا ما كانوا يلقون شباكهم عشوائياً.
تواصلت الحملة بشراسة وقوة فألقي القبض على نخبة من لاعبي السكك والبريد، حيث بدأت الحملة باللاعب عادل كاطع ثم اللاعب موسى محسن والكابتن كاظم خلف ثم اللاعب جبار خزعل وهؤلاء جميعا يلعبون لفريق السكك. بعدها القي القبض على لاعب البريد - كاتب هذه السطور - وأحد مشجعي الكرة المدعو عبد الزهرة الصراف، وتواصل التحقيق لاكثر من ستة اشهر، حيث حاول المحققون انتزاع المعلومات دون جدوى. وفي مرحلة اخرى بذلوا جهوداً من اجل استدراج المجموعة او احد افرادها للتعاون والاندساس داخل العمل الحزبي لتزويد الجهات الامنية بالمعلومات لكن ابطال الرياضة ونجومها كانوا عند حسن الظن ورفضوا التعاون والسقوط، وتعرض الجميع للاعتقال الطويل اكثر من سنة ولأحكام قاسية طويلة والبعض تم اعدامهم.
وكذلك تعرض العشرات من الرياضيين الى الملاحقة والمطاردة والاستدعاءات المتكررة، كما سعى النظام الى تسقيط البعض او تحييدهم على اقل الاحتمالات وهنا لا بد من تذكر اللاعبين الكبار رسن بنيان وسمير محمد علي وجبار نعمة وآخرين من الذين سعى النظام لاطفاء جذوة اندفاعهم، الا انهم كانوا بمستوى المسؤولية. اما الكابتن كاظم عبود، فبالرغم من سعي ازلام الامن للقبض عليه الا انه عبر هذه المرحلة وضحى بدراسته ووظيفته وانتقل الى كردستان العراق مقاتلا صنديدا في صفوف قوات الانصار.
حقا انها تجربة قاسية خرج منها البعض ناجحا كريما محتفظا بشرفه وحزبه ووطنه. نعم بدأ النظام الدكتاتوري ببشار ولكنه انتهى الى السقوط في حفرة عفنة.