المنبرالحر

صور عن جريمة الاعتداء على طبيب ..! / د. سلام يوسف

- 1 -
ثلة من المارقين على المجتمع وأعرافه، على الإنسانية ومعانيها، على الآداب وحدودها، قد تقيأوا أخلاقهم حينما اعتدوا على طبيب أعزل أثناء أداء واجبه الوظيفي والإنساني، وفي مكان عمله الرسمي، والسبب لأن مريضهم الذي تم إدخاله الى صالة العناية المركزة قد توفي، ومهما كان سبب الوفاة، أيجيز ذلك لهؤلاء المارقين أن يعتدوا على الطبيب ضرباً وقذفه بكلمات لا تخرج الاً من أفواه الذين يحملون تلك النعوت البذيئة؟ والسؤال البديهي الذي يتبادر الى ذهن كل من سمع وعرف بهذه الحادثة الأليمة، لو كانت الدولة تحكمها قوانين فعالة ومفعّلة ن?بعة من صميم الدستور ومقيدة به، تحمي المواطن وكرامته، فهل يجرؤ مثل هؤلاء على أن يقدموا على فعل مُشين كهذا؟
-2 -
من المؤكد أن الطبيب الشاب هذا، قد أصيب بأضرار جسدية ونفسية، ومن حقه أن يرفع شكوى ضدهم ويطالب بمقاضاتهم، فأن الشرطة(وهي الجهة المسؤولة عن التعامل مع الشكاوى وإجراء التحقيق الأصولي تمهيداً لأحالتها الى المحاكم المختصة)، سوف لا يسعها أن تقيّد الاعتداء والذي يرتقي الى حدود الجريمة مع سبق الإصرار والترصد، "ضد مجهول"، فالمعتدي والمعتدى عليه كلاهما معلومان، ويجب أن يأخذ العدل مجراه، وإلاّ، وفي حالة عدم اتخاذ الأجراء اللازم فليس من حق الجهات المعنية أن تنزعج حينما يصف المواطنون ما يجري في البلد بـ "شريعة الغاب"، وان القانون قد "بلعته الحوت وغاب"!.
هذا من جانب، ومن جانب أخر فأن السلطات القانونية الحكومية أذا لم تتخذ الأجراء الرادع وتقتص من المعتدي، فبهذه الحالة سوف يلجأ أهل الطبيب الى الأعراف العشائرية في التعامل مع حالة الاعتداء الآثم الذي طال أبنهم.
- 3 -
الكثير جداً استنكروا هذا السلوك غير المقبول، بل استهجنوه وعبروا عن غضبهم وامتعاضهم من خلال صفحات التواصل الاجتماعي، ومهما تكن وجهات نظر البعض تجاه الأسلوب التجاري الذي يمارسه نسبة قليلة من الأطباء قياساً الى الغالبية منهم والذين يخدمون المواطنين بروح إنسانية عالية، فما حصل يستحق الإدانة فعلاً وقولاً، ولكن لحد الأن لم نسمع أو نقرأ تصريحاً أو بياناً بهذا الخصوص قد صدر عن الجهتين المعنيتين ذات العلاقة وهما وزارة الصحة ونقابة الأطباء، خصوصاً وأن هذا الاعتداء يأتي ضمن سلسلة الاعتداءات السابقة التي واجهها الأطباب ومن المؤكد اللاحقة مادام القانون مغيّبا.
وسلسلة الاعتداءات تلك نتجت عنها خسارة فادحة لحقت بالبلد من خلال فقدان حياة عدد غير قليل منهم(وبعضهم أساتذة كبار)، وكذلك من خلال هجرة عدد أخر منهم الى خارج الوطن!
- 4 -
ومن أجل وضع حد لمثل هذه السلوكيات غير المسؤولة، فلابد من وضع ضوابط، والمطلوب من وزارة الصحة أن تعيد العمل بمنهج تحديد عدد زائري المرضى وكذلك المرافقين، وحتى بعض الحالات المرضية الحرجة لا تحتاج الى وجود مرافق، وهناك أماكن لا يجوز دخول الزائر لها أو حتى المرافق خصوصاً تلك التي تتطلب العناية التامة مراعاةً لعدم نقل العدوى الى المريض خصوصاً وأن الجهاز المناعي لأولئك المرضى يكون في اضعف حالته، وبنفس الوقت تتطلب تلك الحالات تقديم الرعاية المتكاملة للمريض نفسه من قبل المستشفى التي يرقد فيها كي لا تبقى حجة بيد أهل المريض للتدخل بشؤون عمل الأطباء وكادرهم المساعد.