المنبرالحر

نيران البصرة الأزلية / طه رشيد

عندما أقدم الشاب التونسي بوعزيزي على حرق نفسه احتجاجا على فقدان الكرامة والخدمات قامت الدنيا ولم تقعد ،وتشعبت نيران بوعزيزي وانطلقت لتحرق اول ما تحرق العائلة المالكة في تونس الممثلة بالرئيس زين العابدين بن علي وحزبه الحاكم. وكشفت النار التي التهمت بوعزيزي ما كان مستورا من فساد في هرم السلطة آنذاك . وامتدت النيران خارج حدود تونس لتشمل كل المنطقة ولينقلب الربيع العربي إلى خريف طال امده! استذكرنا الشهيد بوعزيزي بعد ما حصل في البصرة ما حصل من تظاهر وتصدي بالذخيرة الحية للمتظاهرين وسقوط شهيد بعمر الورد! البصرة المدينة المكتوبة بنفطها والتي تظاهر ابناؤها ضد وزارة الكهرباء من أجل الوصول الى واقع افضل، إذ أن الداني والقاصي قد عرف بمأساة الخدمات في هذه المدينة التي تشكل ثغر العراق، حيث الإزبال في كل منعطف والعشار أصبح مكبا سهلا للنفايات، والماء قد شح وجوده. اما الكهرباء فحدث ولا حرج .كلامنا هنا ليس اتهاما بل واقع حال تتحدث به أكثر وكالات الأنباء من صحف ومواقع وفضائيات. اللجنة البرلمانية للنفط والطاقة في البرلمان تعزو تدهور واقع الكهرباء إلى الفساد المستشري في الوزارة وسوء استخدام المال العام، ووزير الكهرباء، هو الآخر يتحدث عن الفساد، ورئيس الوزراء يعد الفساد المستشري في أكثر مفاصل الدولة وجها آخر للإرهاب! من المسؤول اذا؟ المدينة بدون كهرباء. والدستور يكفل حق التظاهر ومن صالح الحكومة أن ينتفض المواطن ضد تردي الخدمات وضد الفساد، إذ أن كلاهما، المواطن والحكومة ينشدان حياة أفضل، ويحاولان كشف الفاسد، فلماذا يسمح لأفراد الشرطة بإطلاق النار؟ ومن يبرر الفعلة بأنها كانت إطلاقا في الهواء نسأله : لماذا اصلا تطلق الشرطة الرصاص الحي سواء في الهواء أم في الماء؟ ، إلا يوجد لديكم خراطيم ماء لتفريق التظاهرات؟ ألا يوجد لديكم دخان مسيل للدموع خاصة وانا تعودنا النواح والبكاء على الأطلال والحاضر والمستقبل ! ألا يوجد لديكم رصاص مطاط للتخويف لا للقتل؟! اكثر الدول عنصرية وهي إسرائيل، لم تعد تسمح لجنودها بإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين، ما بالكم انتم تدعونا كل يوم للترحم على من لا يستحق الرحمة! نحن ندافع عن العملية السياسية بكل ما اوتينا من قوة، فلا تدعو « إسرائيل « ان تشمت بنا! التظاهرة خرجت ومعها كل الحق. فلو كانت هناك خدمات متوفرة وبنية تحتية منجزة، وفرصة عمل متوفرة للجميع لما خرج الناس بصدور عارية، ولا استطاعت القوى التكفيرية أن تحتل ثلث?الوطن! فرحمة بالمواطن المكتوي بصيف العراق الحارق . ويعلم الجميع أن أهم الثورات في تاريخ العراق انطلقت من البصرة وان الشرارة الأولى التي أسقطت النظام السابق كانت في البصرة.وان نيران البصرة الأزلية اذا اندلعت ستلتهم الأخضر واليابس، وحينها سوف لن تنفع كل مياه شط العرب في إطفائها!