المنبرالحر

صديق يغادر العراق / قيس قاسم العجرش

دعوة خاصة جمعتني بدبلوماسي أوروبي يعمل في العراق إكتشفت أنه يبتغي توديعي خلالها، لأنه بعد عمل في بعثة بلاده في بغداد لستة أعوام انتهت خدمته بانتقاله الى بلد آسيوي.
حاولت اكتشاف انطباعه ورؤيته عن هذا البلد الذي يغادره بعد سنوات من التعامل اليومي مع شؤونه. فوجدت ان حديثه لا يخلو من بعض العجائب رغم أنها ليست المرّة الأولى التي نجلس فيها معاً للحديث مطولاً في الشأن العراقي.
يقول صاحبي المغادر: أولاً إنني سأترك العراق ولي فيه صداقات مهمة مع أشخاص»إيجابيين» الى درجة يندر وجودهم في بلدي الأوروبي المستقر.
ثانياً، إنني مقتنع بأن العراق يمكن ان يكون أفضل حالاً لولا بعض الإنسدادات والطرق المُغلقة التي يتورط العراقيون في العادة بإدخال أنفسهم فيها بإرادتهم. والسبب واضح بالنسبة لي، إذ انهم جديدون كليّة على تجريب الحياة السياسية.
لكني أرثى لحال بعض الساسة العراقيين الذين التقيتهم خلال عملي الدبلوماسي في العراق، فهؤلاء ليسوا أفضل ما يستحق العراقيون، بل إن أشخاصاً طبيعيين عاديين كانوا أكثر كياسة وذكاءً ولياقة من بعض هؤلاء الساسة.
(الكلام مازال لصاحبي الدبلوماسي الأوروبي)، لا أفهم كيف يتورّط بعضهم بتقديم طلبات شخصية خلال لقاءات رسمية، الأمور الشخصية ليست مُحرمة بين الدبلوماسيين فالدبلوماسية في النهاية هي أرقى تطبيقات فنون العلاقات العامة، لكن كان الأجدى بهم على الأقل إنتهاز اللحظة المسترخية غير الرسمية ليقدموا طلبات ذات طابع شخصي خلال اللقاءات الرسمية.
الذي لا يعرفه بعض هؤلاء السياسيين العراقيين(أو ربما يعرفونه ولا يكترثون)هو أن هذه الطلبات الشخصية يتم في العادة إدراجها في تقارير يرفعها الدبلوماسيون بعد اللقاءات وتكون ضمن جدار المعلومات السياسية المتوفرة عن هذا المسؤول المحلي، أي إنها ستدخل ضمن أي نبذة شخصية يطلبها أي مسؤول دبلوماسي لاحق فيما لو حدث والتقى مسؤولنا المحلي مرّة أخرى بهم.
وضرب صاحبي مثلاً عن وزير عراقي حالي، سبق أن تقدم بطلب شخصي لأحد الدبلوماسيين الغربيين عندما كان نائباً في البرلمان قبل 7 أعوام. لكن سجلات الدبلوماسيين لا تنسى وانعكس هذا على ملف حالي مع وزارة صاحبنا الحالية.
لا أعرف، هل وجب علينا أن نستحلف كل المسؤولين العراقيين أن يحفظوا للعراق سُمعته قبل أن يلتقوا احداً من الغربيين؟..ام إن الأولى عرض هذه الملفات في الصحافة وليعلم من لم يكن يعلم سابقاً؟...لك الله يا عراق.