المنبرالحر

سوريا : الصمود السوري درس بليغ في المقاومة..!/ باقر الفضلي

لقد أثبتت الأحداث وعلى مدى خمسة أعوام من الصمود الراسخ للشعب السوري البطل في مواجهة الحرب الكونية الإرهابية ، بأن هذا الصمود العظيم للشعب والجيش السوري كل هذه المدة، جاء دليلاً لا يرقى اليه الشك في تأريخ الإنسانية، على صمود الشعوب ومقاومتها الباسلة في مواجهة العدوان بشتى أشكاله وصنوفه، وسجل درساً لا يمكن نسيانه في تأريخ الإنسانية، بأن الذود والدفاع عن الأوطان يقف دائماً في مقدمة المهام الي تواجه الشعوب، أمام خطر العدوان، والتحديات التي يمكن أن تدهم البلدان في حريتها وإستقلالها وسيادتها..!
وإن كان العالم وعلى مدى قرن من الزمن قد أدرك أهمية حرية الشعوب، وعبر حربين عالميتين، بأن سلاح الحرب والعدوان آيل في النتيجة الى الفشل، وبأن حرية الشعوب وسيادة وإستقلال بلدانها، يأتيان في مقدمة الإعتبارات الدولية، وأن الغزو وإستعباد الشعوب، مصيرهما الفشل والخذلان في جميع الحالات، والأمثلة غزيرة بهذا الشأن، ويكفي أن يتمثل المرء، بمثالي صمود كل من شعبي كوريا وفيتنام، كدليل دامغ على تعنت وغطرسة وجبروت الدول الغازية، وبأن عدوانها مهما طال ، لابد وأن يكون مآله الى الزوال، مهما تعددت الذرائع والأسباب؛ ولعل ما إنتهت اليه الحرب العالمية الثانية/1945 دليلاً دامغاً على تلك الحقيقة، وإنصياع المجتمع الدولي الى إقرار ميثاق الأمم المتحدة، وإنشاء هيئة الأمم المتحدة، كسبيل الى حفظ السلم والأمن الدوليين، وحل النزاعات الدولية بالطرق السلمية، والحيلولة دون نشوب الحروب، وإحترام سيادة وإستقلال الدول، بإعتبار أن الدولة، تمثل حجر الزاوية في البناء الدولي..!!
وما مثل دولة سوريا وشعبها البطل، في صمودهما أمام الغزو والعدوان الإرهابي، إلا المثال الناصع لكل ما تقدم، والدليل القاطع، الذي يمهد الى إنتصارها المؤزر في وجه ذلك العدوان البربري، وبأن كافة الذرائع التي جرى تحشيدها بوجه الشعب السوري، قد فقدت بريقها، في عزل الشعب السوري عن محيطه القومي العربي، رغم أن قلة من تلك الأنظمة من الوسط المذكور، قد وضعت نفسها في صعيد وخدمة كل من يحشد قواه، لوجستياً وإعلاميا، من أجل أن يستسلم الشعب السوري، أمام جبروت وغطرسة العدوان، بكل ما سلطه من أسلحة بربرية ضد هذا الشعب الباسل، وآخرها سلاح الإرهاب، ورغم كل الذرائع التي وظفها في تلك الحرب الكونية؛ من ذريعة إستخدام سوريا الأسلحة الكيمياوية، والبراميل المتفجرة، والتناحر الطائفي وغيرها من الحجج والذرائع المختلفة وفي مقدمتها الحرب الإعلامية الغوبلزيه المركزة، حيث باءت جميعها بالفشل أمام ذلك الصمود الباهر للشعب السوري الشجاع..!
إن إدراك الشعب السوري، لحقيقة موقفه الصحيح من مواجهة العدوان، كان من الأسباب الموضوعية والواقعية لذلك الصمود، وإن الدفاع عن الوطن، كانت من أولى المستلزمات الوطنية، التي دفعته الى التكاتف والوحدة في وجه العدوان، رغم كا ما قدمه ويقدمه من التضحيات الباهضة من أبناءه البررة، وما تكبده الوطن من ثرواته وبناه التحتية، من تدمير وخراب فاقا التصور..!؟(1)
وليس بعيداً عن كل المخططات والسيناريوهات المرسومة والمعدة لتلك الحرب الكونية العدوانية ضد سوريا، يأتي التحرك التركي الجديد، وبمعنى أدق " التدخل التركي" في الشأن السوري، بإستخدام نفس الذريعة المعلنة دولياً بقيادة أمريكا، وهي محاربة الإرهاب في كل من سوريا والعراق، ليأتي الآن دور تركيا لدخول تلك الحرب، وقيام إصطولها الحربي بتوسيع عملياته داخل الأراضي السورية، لضرب مواقع " داعش" في سوريا، والسماح لطيران التحالف الدولي بإستخدام القواعد الجوية التركية، لدرء إخطار التنظيم على تركيا، على حد إعلان تركيا، والعودة الى مقترح السيناريو التركي القديم في إنشاء منطقة عازلة في العمق السوري، بعد الإتفاق مع أمريكا، هذا في الوقت الذي تحاول فيه، زج نفسها في الحرب الكونية ضد سوريا، وتأكيد ذلك الدور من خلال إنشاء المناطق العازلة في العمق السوري، تحت ذريعة مكافحة الإرهاب، الأمر الذي يبدو، أن تركيا عازمة على تحقيقه رغم كل الموانع القانونية الدولية وعلاقات حسن الجوار..!؟(2)
وإرتباطاً بهذا الشأن، فقد [[أشار وزير الدفاع البريطاني السيد فيلون في مقابلة مع الزميلة هالة غوراني لـCNN: "اقتراح تركيا بإيجاد منطقة عازلة في سوريا ليس أمرا جديدا، ولكن أعتقد بأنه من الضروري عدم التفكير بإيجاد مناطق عازلة في سوريا فلدينا داعش كعدو بمختلف قواعده ومراكزة وطرق امداده وهذه ما يتوجب التركيز عليه في الغارات عوضا عن التركيز بالبحث عن مناطق عازلة في مناطق مختلفة بسوريا..]](3)
إن خيار الحل السلمي للأزمة السورية، يبقى وحده الخيار الأكثر واقعية في الظروف الراهنة، وهو خيار الشعب السوري الأكثر قبولاً وإستجابة من قبل معظم الأطراف السورية، والذي يدعو اليه المجتمع الدولي ويحضى بالتوافق الدولي وتسعى اليه الأمم المتحدة..!(4)
اما ما يدعو له، وينظر اليه البعض من أقطاب المعارضة السورية، ففيه من خلط الأوراق، ما يجعل المراقب يضيع في متاهة من المصطلحات والمسميات، التي تهدف في نهاية المطاف، الى فقدان الشعب السوري أغلب مقوماته، وإرثه التأريخي النضالي، ووحدته الوطنية، وبالتالي إحالته الى مجرد تجمعات، ومكونات لا تربطها ببعضها غير مصالحها الخاصة، وما سوريا بالنسبة لمجموعها، سوى ذلك الإناء، الذي جمعها صدفة، لتحقق في داخله، مصالحها الخاصة، ولتنفرد وتتقوقع في ذلك الحيز من ذلك الإناء مع ما حققته من مصالحها، تحت مسميات ما أنزل الله بها من سلطان..!(5)
إن خلط الأوراق تحت ما يسمى بمظلة "التقسيم"، وهشاشة الأرضية التي يجري رسمها للمجتمع السوري، يعطي كل المبررات لمشروع "التقسيم" نفسه، ويؤسس لقاعدة نظرية ومنطقية لتنفيذه كحل للخروج من الأزمة المتفاقمة والتي تستهدف سوريا، كدولة لها تأريخها وسيادتها، وتتمتع بكامل عضويتها في الأمم المتحدة، في الوقت الذي يسهم فيه تضليليا، بتقويض كل عوامل الصمود والمقاومة التي يبديها الشعب السوري في وجه الحرب الكونية الإرهابية التي تلقي بثقلها عليه منذ خمس سنوات، والتي هي نفسها الوسيلة التي يجري إستخدامها لتحقيق أهداف التقسيم المذكور..!؟(6)
 
_______________________________