المنبرالحر

"دعوى مسؤولية الدولة عن أعمالها الضارة في القانون العراقي والمقارن"* / المحامي جبار عبد الخالق الخزرجي

يتناول هذا الكتاب وكما ورد في مقدمته مسالة مهمة وحيوية هي وجوب مسؤولية الدولة عن اعمالها الضارة وضرورة المساهمة في اغناء وتطوير النظام القانوني العراقي الذي يحكم انشطة الدولة المختلفة عموماً والرقابة القضائية على هذه الانشطة خصوصا.
ان هذه الرقابة لها اهميتها على اعمال ونشاط الدولة وتحصينها من اللامشروعية من جهة وحماية حقوق المواطن من تلك الاعمال والانشطة الضارة واقرار مسؤولية الدولة عن تعويض المتضررين من جهة اخرى. وتزداد اهمية الرقابة القضائية لاعتبارات كثيرة يرتبط بعضها بتطور وظيفة الدولة العراقية وازدياد نشاطها في المجالات المختلفة ويتصل بعضها بحقوق المواطنين الذين يتعرضون للاضرار الحاصلة بفعل تلك الاعمال والانشطة واعتبارات اخرى تتعلق بطبيعة النظام القانوني القائم الذي يحكم هذا النوع من المسؤولية المدنية التي تتحملها الدولة حيث ما زالت قواعد المسؤولية في القانون المدني العراقي المعدل رقم 40 لسنة 1951 تحكم مسؤولية الدولة واجهزتها المختلفة على الرغم من قدم هذا القانون وعدم تطوير اسسه تبعا للمتغيرات في وظيفة الدولة.
ويرى المؤلف ان دراسة دعوى مسؤولية الدولة عن اعمالها الضارة في القانون المقارن تستلزم بيان الشروط اللازمة لقبولها شكلا امام الجهة القضائية المختصة وبعد قبولها شكلا من قبل القضاء يفصل في موضوع الدعوى.
ان الفصل في موضوع الدعوى يستوجب بالضرورة تحديد نطاق المسؤولية وبيان اساسها القانوني عندئذ يتمكن القضاء من بيان علاقة هذا الاساس بالضرر الحادث ومن ثم تقدير مدى هذه المسؤولية لكي يحدد الجزاء الذي يقرره القانون والتعويضات الواجبة الاداء للمتضرر.
عالج المؤلف هذه المسائل في اربعة فصول: الاول الشروط اللازمة لقبول الدعوى، والثاني نطاق مبدأ مسؤولية الدولة، والثالث الاساس القانوني لمسؤولية الدولة، وفي الفصل الرابع الضرر وجزاء المسؤولية.
في الفصل الاول: عالج المؤلف ثلاثة مباحث، في المبحث الاول تطرق الى ضرورة اقامة الدعوى امام المحكمة المختصة من ناحية الاختصاص المكاني والاختصاص القضائي (الموضوعي). وبصدد الاختصاص المكاني فقد تم رسم هذا الجانب في قانون المرافعات المدنية رقم (83) لسنة 1969 المعدل وقانون اصول المحاكمات الجزائية رقم (23) لسنة 1971.
في المبحث الثاني عالج الاختصاص القضائي في دعوى المسؤولية وهذه المسألة في العراق وبسبب عدم توفر اساس النظام القضائي والقانوني المزدوج كما هو عليه الحال في فرنسا ومصر، فان محكمة البداءة تنظر في دعاوى مسؤولية الدولة عن اعمالها الضارة شأنها شأن دعاوى الافراد واشخاص القانون الخاص وتطبيق القواعد العامة المقررة في القانون المدني العراقي الا ما استثني بقانون خاص. ويرى المؤلف ضرورة تأسيس قضاء متخصص في المنازعات التي تكون الدولة طرفا فيها وشرح مبررات وجود قضائي متخصص بمنازعات الدولة في العراق.
وفي المبحث الثالث تم توضيح الشروط الشكلية لقبول الدعوى حيث ان دعوى المسؤولية امام القضاء المختص يجب ان تتوفر فيها بعض الشروط الشكلية كاحترام المدد القانونية التي يقررها المشرع لرفع الدعوى خلالها وكذلك توفر الصفة والمصلحة وعدم تقادم الحق موضوع الدعوى ومن ثم دفع الرسم القضائي.
الفصل الثاني: نطاق مبدأ مسؤولية الدولة
ان مبدأ مسؤولية الدولة عن تصرفاتها الضارة لم يكن مقبولا حتى اواخر القرن التاسع عشر لاعتبارات عديدة، غير ان هذا المبدأ لم تبق له سيادته القديمة، بل بدأ ينهار ويفقد قيادته في بداية القرن العشرين بفعل تظافر عوامل عديدة، وعلى الرغم من الاعتراف بمبدأ مسؤولية الدولة الا ان هذا المبدأ لم يكن شاملا لكل اعمال وتصرفات الدولة، بل بقيت الكثير من هذه الاعمال والتصرفات خارج نطاق هذه المسؤولية كأعمال السلطة التشريعية والقضائية وبعض اعمال السلطة التنفيذية. عالج المؤلف هذا الفصل في ثلاثة مباحث: الاول مسؤولية الدولة عن اعمال السلطة التشريعية، والثاني مسؤولية الدولة عن اعمال السلطة القضائية، والثالث مسؤولية الدولة عن اعمال السلطة التنفيذية.
في المبحث الأول عالج الباحث اولا مسؤولية الدولة عن الاعمال البرلمانية فالفقه يعرف الاعمال البرلمانية بانها جميع الانشطة القانونية والمادية التي تقوم بها هيئات واعضاء البرلمان اثناء اداء وظائفهم ومع استبعاد الاعمال الصادرة في صورة تشريع المبدأ العام السائد في العراق وهو عدم مسؤولية الدولة ما لم يقرر نص صريح بخلاف ذلك.
المبحث الثاني: "مسؤولية الدولة عن اعمال السلطة القضائية" وفيها توصل الكاتب الى ان اغلب التشريعات المعاصرة تحيط القضاء بضمانات فعالة بقصد تحقيق العدل واداء وظيفة القضاء على اكمل وجه.
وفي المبحث الثالث: "مسؤولية الدولة عن اعمال السلطة التنفيذية"، يرى الدكتور ان جميع التشريعات في مختلف الدول تقر بالمسؤولية المدنية عن اعمال السلطة التنفيذية وذلك حصيلة التطور التشريعي المعاصر وان الاساس القانوني الرئيسي الذي قامت عليه مسؤولية الادارة في الوقت الحاضر يتمثل بالخطأ، وان مسؤولية الادارة تقوم استنادا لهذا الخطأ الواقع منها متى ما نتج عنه ضررا للغير. وان مسؤولية الادارة في العراق تؤسس على الخطأ المفترض وفق المواد (215 و 219)، من القانون المدني العراقي.
وبهذا الصدد فان المادة (211) من القانون المدني تتيح تشديد مسؤولية الادارة بحيث تتحمل تبعة السبب الاجنبي ايا كان مصدره، سواء كان هذا التشديد بموجب نص قانوني او باتفاق بين الادارة والمتضرر.
ــــــــــــــــــــ
* للدكتور رياض عبد عيسى الزهيري- كلية القانون / جامعة بغداد