المنبرالحر

النفاق السياسي والاسلاموي اليومي في بلد" الحريات" / د. محمود القبطان

ما يحدث يوميا في العراق قد يندر حدوثه في بلد آخر لاسيما ان كل التوجهات تدلل على ان اننا نسير في نفق مظلم لا شك فيه، فمن المحاصصة والتي يراد لها ان تستمر الى ما لانهاية وان قال البعض "نحن نحتاج الى دورة أو دورتين أو اكثر" لحين التخلص من المحاصصة المقيتة بنوعيها القومي والطائفي الى الفساد الذي لم يسبق العراق فيه غير الصومال ثم الى افتقاد اهم الخدمات في الكهرباء والماء ونظافة المدن دون ان نصل الى باقي البنى التحتية التي هي من صلب مهام اية حكومة مثل بناء الطرق والجسور وصيانتها الدائمة الى بناء المدارس والسكن ...نقول كل هذا يحدث والقادة الذين يديرون العملية السياسية من فشل الى فشل منشغلون في توفير اكبر الفرص الاستثمارية لاهلهم واقربائهم وبعض الاصدقاء لتقسيم الارباح عبر التأكد من النسبة المئوية على كل عقد ومقاولة والتي يحصلون عليها بحيث بدأت بعض الحيتان بالقول والعمل على خصخصة النفط والكهرباء، ولم يبق غير الماء لم يتكلموا عن خصخصته ليطبقوا على حياة البشر عبر "المستثمرين" وجشعهم.
عندما يرى المواطن سياسيا وفي يديه السبحة متدلية ولحية بيضاء للكبار و"الشباب" مصبوغة باللون الاسود الداكن مع حدود لا يخطأ الخيط فيها مع اكثر من خاتم فضي يعتقد بعض البسطاء انه امام صرح متدين ينقط تقوى وغيرة وطنية لا نظير لهما وعندما تسمع التصريحات تقول ان العراق بخير لا فساد ولا كومشنات و وتجهيل للمجتمع ولا فرض شعائر لم يسمع بها اي عاقل من قبل ولا فتاوى مجهولة تحرم وتجرم ما يحلو لها.
ماذا يريد هؤلاء الساسة الطارئون؟
عند مناقشة اي مشروع في البرلمان كل طائفة وقومية تريد المكاسب منه بغض النظر عن الطرف الآخر وما يريده وبالتالي تُعطل كل المشاريع المهمة بسبب عدم التوافق في تقسيم الحصص وفقا لمصالحهم الحزبية والفئوية الضيقة.
الوظائف هذا يقول من حصتنا والآخر يقول من حقه ان يأخذ ما يريد والثالث يقول لا لكلا الطرفين فأنا موجود وهكذا يتبدد الوقت الغير ثمين لهؤلاء المغتربين عن الوطنية والوطن والشعب.
تستمر النقاشات حول الحرس الوطني دون التوصل الى صيغة ترضي هؤلاء الساسة لان كل ينطلق من منطلقه الضيق. احدهم يريد التأكد من عائديته، والآخر يريد منع دخول "الغرباء" الى محافظاتهم القادمين من بعيد، و آخر يريد التجنيد الاجباري والاول يرفضه لان هذا يعني الرجوع الى المربع الاول.
أما ما يدور حول الحشد الشعبي، بالرغم من كل التضحيات التي يقدمها من اجل تحرير اجزاء الوطن المحتلة من قبل اشرس المنظمات الارهابية ،داعش، فيراد من هذا الحشد تسيسه من خلال قادته وجعله نموذجا مثل الحرس الثوري في ايران ، وامس اصبح لهم فرق مظلية فهل هذا يعني اننا سائرون فعلا نحو تأسيس الحرس الثوري العراقي لضمانة استمرار النظام على هذه الشاكلة ؟وهل يجوز لبرلماني يقود احدى التشكيلات للحشد الشعبي ان يجلس ويقف بجانبه ضباط اركان يشرحون له الموقف و"يسدي" لهم النصائح العسكرية؟ لقد كان قبل هذا مثال الجيش الشعبي، فهل يعلم البعض الى اين وصل الاخير؟
امس قرأت للكاتب المغربي سعيد ناشد مقالة معنونة ب:النفاق يُشرّح الموقف الاسلاموي بدقة متناهية يجيب على كل الاسئلة التي تدور في العالم الاسلامي المزيف عموما والعربي خصوصا بسبب "الهبة"، واسميها الهجمة، الاسلاموية في بقاع العالم الكبير وحتى خارج بقاع تلك الدول المبتلية بهذا النوع من الاسلام السياسي.
لكم امثلة صارخة ومن الواقع:
طبيبة لا تأتي الى حفل عائلي اذا كان في المطعم المقام فيه الدعوة هذه مكان فيه قناني كحول وعليه يجب تغطية هذا المكان بستارة وحدث!! وفي مرة عند تصليح بيتها طلبت من العمال ومن أبناء وطنها ان يبقوا في الغرفة لكي تخرج الى العمل دون ان يروها في حين تعمل في قسم النسائية حيث يأتي الرجل مع زوجته سواء للفحص أو الولادة فكيف يكون موقفها وقت ذاك؟ هل تطلب من الرجل ان يختبأ في غرفة لا يشاهدها؟ وفي حالة اخرى تعتذر سيدة اخرى من الحضور الى حفلة زواج لابن صديقتها لان الدعوة مختلطة ولكن هذه السيدة وآخريات من شاكلتها لم تنبس بكلمة انتقاد للفاسدين وسراق قوت الشعب والذين أثروا على حساب الفقراء بطريقة قذرة باسم الدين والدين براء منهم. يقول المفكر المغربي سعيد ناشد:
"ليس هناك من نفاق أصغر ولا أحقر من أن تشتُم أميركا وتحرق العلم الأميركي في كل مناسبة أو دون مناسبة ثم تقف في طابور سفارتها أو قنصليتها لأجل الحصول على التأشيرة..!" أو في دول اللجوء الاخرى. وهل تجبر السيدات المتأسلمات ان يُفرّغ الشارع من الرجال لكي تتفضل وتسير الى البيت او ينزل الرجال من الباص التي تستقله في طريقها الى العمل أو البيت؟ هل تذهب للتسوق لشراء ملابس لمحلات "نسائية "بحتة؟ هل تمشي ولا ترى اي رجل في الشارع ،كما قال رجل معمم في ختام حفل تأبين لسيدة بأن المرأة يجب أن لا ترى الرجل ولا الرجل يراها؟
يذهب الشباب "المسلم او المتأسلم" الى الحج وهو مثقل بالاثام: يأتي شاب يطلب اجازة مرضية لانه سوف يذهب لاداء فريضة الحج وعندما اسأله انت تذهب لاداء هذه الفريضة لتكون اكثر استقامة ولتكفر عن الذنوب" ان وُجدت" فكيف تُحمل نفسك والآخرين ذنبا وفي نفس الوقت تسافر من اموال المساعدات الاجتماعية وتصرف على سفرك الميمون اكثر ثلاثة آلاف دولار ماعدا الهدايا؟ يقول سوف اجلب اجازة من طبيب آخر ،وفعلا حصل على الاجازة من طبيب آخر لا يعرفه واصبح حجي!! يقول الكاتب ناشي:
"النفاق هو أن لا تكترث لفساد الرّشوة ، ولفساد جهاز القضاء ، ولفساد التهرّب الضريبي، ولفساد تبييض الأموال ، ولفساد الغش في السلع ، ولفساد مافيات المخدرات والميليشيات الجهادية وتهريب الأسلحة ، ثم ترى الفساد ـ كل الفساد ـ في مجرّد تنورة أو سروال قصير أو قبلة في لوحة إشهارية..!!" يشتمون الشابات من وطن نساء الذي منحهم اللجوء ومن ثم يحجبون بناتهم منذ عمر الثمان اعوام أو قبل هذا حتى، لكنهم يحللون التمتع ب:"
ليس هناك من نفاق أسخف ولا أقرف من أن تطلب من "بائعة الهوى" أن تقول لك زوّجتك نفسي على سنّة الله ورسوله وفي الصباح تمنحها بعض المال وتقول لها أنت طالق"...!
في احدى المرات وقف رجل نحيف ووسخ الى حد القرف ليقرأ على من وقف امامه بخشوع ليلقي على مسامعهم الوعظ ويقول في نهاية كلامه إن هذا بلد الكفر والزنا ، وهو يعيش في هذا البلد حيث لم يكن في مقدوره العيش مثل ابسط انواع البشر في بلده: "ليس هناك من نفاق أبشع ولا أشنع من أن تدخل المسجد لتدعو على الكفار بالويل والثبور وعظائم الأمور ثم تخرج منه لتطلب المعونات من الكنيسة" يقول السيد ناشي ، او من الدولة التي تحميك وتعطيك فرصا لحياة الكريمة.
وفي النهاية يختتم الكاتب المغربي سعيد ناشي بقوله: " النفاق هو الجحيم.. ولهذا قال ربنا سبحانه وتعالى " إنّ المنافقين في الدرك الأسفل من النار".،،،فهل يعي اسلامويو العراق هذه الحقيقة اذا كانوا مؤمنين حقا؟.