المنبرالحر

التصويت على قانون الاحزاب السياسية في البرلمان خطوة على طريق الديمقراطية / زهير ضياء الدين

بتاريخ 27/آب /2015 صوت مجلس النواب في جلسته السادسة عشر التي عقدت برئاسة الدكتور سليم الجبوري رئيس المجلس وبحضور (269) نائبا على قانون الاحزاب السياسية وبأغلبية ساحقة .
ان هذا القانون الذي مضى على وجوده في مجلس النواب ما يزيد على ثماني سنوات ما كان سيتم التصويت عليه لولا المناخ الصحي الذي وفرته التظاهرات التي عمت انحاء العراق مما جعل الكتل السياسية في البرلمان مرغمة على الاستجابة للمطالب المشروعة ومن بينها تشريع القوانين الموجبة التي نص عليها الدستور ومن بينها قانون الاحزاب .
ابتداء خلال السنوات الثماني الماضية طرحت اكثر من مسودة لمشروع قانون الاحزاب كان اخرها المسودة المرسلة من قبل رئاسة الجمهورية التي كانت تتضمن الكثير من العناصر الايجابية التي تم الاخذ بها في الصيغة النهائية التي تمت مواءمتها مع المسودة المرسلة عن طريق مجلس الوزراء اضافة الى الاخذ بالكثير من التعديلات التي طرحت بعد القراءتين وخلال الحلقات النقاشية .
يمكن القول ابتداء ان الصيغة التي تم التصويت عليها واقرارها من قبل مجلس النواب والتي ستكون نافذة بعد ستين يوما من نشرها في جريدة الوقائع العراقية تغلب عليها الصفة الايجابية بعد تشذيب المسودة المحالة من مجلس الوزراء من الكثير من العناصر السلبية التي كانت تعتريها .
ومن بين ابرز الجوانب الايجابية التي اعتمدت في هذا القانون وحسب ما تضمنته المادتين (2/ثانيا) و (14) من القانون والمتمثلة باعتماد الهيئة القضائية للانتخابات المشكلة بموجب قانون المفوضية العليا المستقلة للانتخابات رقم (11) لسنة 2007 ( المعدل ) حيث نصت المادة (8/ ثالثا) على ( تقوم محكمة التمييز بتشكيل هيئة تسمى الهيئة القضائية للانتخابات تتألف من ثلاثة قضاة غير متفرغين للنظر في الطعون المحالة اليها ... الخ ) حيث ستتولى هذه الهيئة المشكلة من ثلاثة من القضاة من اعضاء محكمة التمييز للنظر في جميع الطعون في القرارات الصادرة من دائرة الاحزاب والتنظيمات السياسية التي استحدثت ضمن الهيكل التنظيمي للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات وترتبط بمجلس المفوضين وفقا للمادة (11/اولا) من القانون كما نصت المادة (15) من القانون على تقديم الطعون على القرارات الصادرة من محكمة الموضوع ( الهيئة القضائية ) الى المحكمة الاتحادية العليا .
وخصصت المواد التي تمت الاشارة اليها آنفا عنصرين اساسيين اولهما ضمان النظر في جميع الطعون المقدمة من الاحزاب على قرارات دائرة الاحزاب والتنظيمات السياسية امام هيئة قضائية وبمستوى عال مشكلة من اعضاء في محكمة التمييز بعد ان كانت المسودات السابقة لمشروع القانون تقضي بالنظر في الطعون من قبل محكمة القضاء الاداري وهي محكمة مطعون بدستوريتها لانها تتشكل من مستشارين في مجلس شورى الدولة وهم ليس بقضاة ويرتبطون من خلال مجلس شورى الدولة بوزير العدل وهو جزء من السلطة التنفيذية وليس القضائية . كما ان تحديد ارتباط دائرة الاحزاب والتنظيمات السياسية بالمفوضية العليا المستقلة للانتخابات وهي هيئة مستقلة ترتبط بمجلس النواب يعتبر انجازا اخر ضمن القانون بعد ان كانت المسودات السابقة تتضمن ارتباط هذه الدائرة بوزارة العدل وهي جزء من السلطة التنفيذية كما اسلفنا .
- تضمنت المادة (5/ثانيا) عدم جواز تأسيس الحزب او التنظيم السياسي على اساس العنصرية او الارهاب او التكفير او التعصب الطائفي وكنا نتمنى ان يشمل الحظر تأسيس الاحزاب على اساس ديني لضمان ان يكون العراق دولة مدنية .
- كانت المادة (8) من المسودة المطروحة للمشروع الاول تنص وضمن شروط التأسيس على عدم تعارض مبادئ او اهدافه او برامجه في ممارسة نشاطه مع ( مبادئ حقوق الانسان ومبدأ الوحدة الوطنية ) الا ان هذه النصوص تم حذفها من المادة المناظرة في حين كان وجودها ايجابيا .
- نصت المادة (9/سادسا) على من تحظر مشاركتهم في تأسيس الحزب والمادة كما نصت المادة (10/ثالثا) على من تحضر عضويتهم في الاحزاب وتضمنت اعضاء السلطة القضائية وهيئة النزاهة والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات والامن الداخلي وجهاز المخابرات والامن الوطني وهذا اتجاه ايجابي لكن كان من المفضل اضافة الدبلوماسيين الى هذه الشرائح حيث انهم يمثلون جميع العراقيين خارج العراق وبما يضمن عدم انحيازهم .
- اشترطت المادة (11/ اولا ) تقديم قائمة باسماء عدد لا يقل عن ( 2000) عضو من مختلف المحافظات مقارنة بالنص المقابل في المسودة السابقة التي تنص على تقديم قائمة باسماء عدد لا يقل عن (2000) عضو مقيمين في ستة محافظات عراقية على ان لا يقل عن مائة عضو من كل محافظة . لذا يعتبر النص الاخير النافذ افضل من حيث اعطائه مرونة في تأسيس الاحزاب .
- حددت المادة (12/ثانيا) من القانون رسم تسجيل الحزب بمبلغ قدره (خمسة وعشرون مليون دينار ) مقارنة بمبلغ ( مليون دينار ؟) فقط ضمن مشروع مجلس الوزراء وعدم وجود اي مبلغ كرسم تسجيل ضمن المسودة المقدمة من قبل رئاسة الجمهورية ويعتبر هذا المبلغ كبيرا جدا وغير مبرر خاصة اذا ما علمنا وضمن نفس القانون تقوم الدولة بتقديم الدعم المالي للاحزاب .
- نصت المادة (13/اولا) من القانون ( تبت دائرة الاحزاب والتنظيمات السياسية بطلب التأسيس خلال مدة لا تتجاوز (15) يوم خمسة عشر يوما من موعد النظر بالطلب وبخلافه يعتبر الطلب مقبولا ) وهذا النص يقطع الطريق على اي عملية تسويف .
- نصت المادة (22/ثانيا) على ( يكون رئيس تحرير صحيفة او مجلة الحزب او التنظيم السياسي هو المسؤول عما ينشر فيهما. وهذا النص يتعارض مع المبدأ المعتمد في النشر في الصحف والمجلات وهو ان الصحيفة او المجلة غير مسؤولة عن ما ينشره الاخرون باستثناء ما يكتب باسم رئيس التحرير .
- تضمنت المادة (32/ اولا) الحالات التي يجوز حل الحزب او التنظيم السياسي بسببها بقرار من محكمة الموضوع .
وباستعراض الحالات المشار اليها نجد ان البعض منها جاء عاما غير محدد وفضفاض وبالامكان تفسيره من عدة وجوه مما يشكل خطرا يتمثل باتخاذ قرار بانهاء حياة الحزب من خلال حله مثال ذلك ( الفقرة /ذ) ( استخدام العنف في ممارسة نشاطه السياسي ) دون تحديد مفهوم كلمة الصنف فبالامكان اعتبار مشاجرة بين احد اعضاء الحزب خلال احد نشاطاته سببا لحل الحزب . ونص ( الفقرة هـ) التي تشير الى حيازة اسلحة نارية في مقره ونعرف ان المسدس يعتبر سلاح ناري وقد يتواجد لاي سبب ضمن احد المقرات .
كما تضمنت المادة (32/ ثانيا) حالات جواز حجب الاعانة عن الحزب او التنظيم ومنها الاعتداء على حقوق وحريات مؤسسات الدولة والتدخل في الشؤون الداخلية للدول الاخرى...الخ .
وتشكل هذه النصوص العامة والفضفاضة خطورة على الاحزاب وامكانية حلها او حجب الدعم عنها مما يتطلب اعادة صياغة هذه الفقرات بشكل دقيق ومحدد وعدم ترك اي مجال للاجتهاد غير المشروع .
وباستعراض نص المادة (44) من القانون التي حددت نسب توزيع الدعم من الموازنة على الاحزاب الذي حددت بموجبه ضمن الفقرة اولا من تلك المادة بـ(20في المائة) توزع بالتساوي على الاحزاب في حين حددت نسبة (80 في المائة) للاحزاب الممثلة في مجلس النواب حسب تمثيلها في حين حددت النسبة التي توزع بالتساوي على الاحزاب في مسودة مجلس الوزراء بمقدار (30 في المائة) وهي الاقرب للموضوعية حيث ان الاحزاب الكبيرة الممثلة في مجلس النواب تتميز بامكاناتها الكبيرة .
واخيرا فان بعض العقوبات السالبة للحرية بموجب احكام هذا القانون تتميز بشدتها وبشكل خاص نص المادة (55) المتضمن ( لا تخل احكام هذا القانون بأية عقوبة اشد ينص عليها قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 او اي قانون اخر حيث ان هذا النص بفتح الطريق امام تطبيق نصوص عقابية شرعت في عهد النظام البائد الذي نعرف جميعا مدى تسلطه وتطرفه في قمع الشعب وبشكل خاص الاحزاب السياسية المعادية لنظامه مما يتطلب الخروج من اسلوب التعميم وخطورته خاصة في النصوص القانونية السالبة للحرية.
وفي الختام نأمل ان تستثمر فترة النهوض الجماهيري للشعب والمناخ الايجابي في تمرير بقية التشريعات المفصلية في مجلس النواب وبشكل خاص قانون المحكمة الاتحادية العليا وقانون مجلس القضاء الاعلى وقانون النفط اضافة الى تشريع قانون نموذجي ومتكامل للانتخابات لغرض تكامل مثلث العمل الديمقراطي المتمثل بقانون انتخابات وقانون للاحزاب وقانون للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات .