المنبرالحر

عن تظاهرات بابل وما فيها / عادل الياسري

سجلت التظاهرات التي اندلعت في انحاء محافظة بابل عامة ، وفي مدينة الحلة بالأخص ولادة متعسرة لاصطفافات جديدة في الشارع البابلي. فبعد ان كان المواطن في انحاء هذه المحافظة يخفي تذمره من السائد في الساحة السياسية وما يرتكب من الأفعال المشينة المتمثلة بالأفساد في المال العام وهدر الثروات، وفي التقاسم الحزبي والطائفي للمناصب والمواقع القيادية في المدينة، نراه اليوم أطاح حاجزا كان يحول بينه وبين المجاهرة بما يكتمه في صدره من التذمر.
فها هي الجماهير الحلية بكل فئاتها وشرائحها الأجتماعية تتناخى وتبيّت المواعيد للقاء في ساحة (الحرية ) التي اسماها المتظاهرون بهذا الأسم الجميل ، تيمنا بنشدانهم لحرية العراق وانعتاقه من ربقة الفساد والتقاسم الحزبي والطائفي لمقدرات البلاد وثرواتها بالطرق المشرعنة واللا مشرعنة. والذي يلفت الأنتباه أن التظاهرات هذه المرة تمكنت من استقطاب الشبيبة والطلبة والنساء على اختلاف مشاربهم وانتماءاتهم الفكرية والحزبية ، اضافة الى المثقفين من أكاديميين وفنانين وأدباء وصحفيين، والكل يشدّه الى التظاهر هاجس مشترك يتمثل في الاقتصاص من المفسدين واعادة اموال البلد المنهوبة إضافة الى المطالبة بالخدمات المفتقدة وبالكهرباء التي غدى حالها كحال الضوء في التقاطعات المرورية تحسب بالدقائق والثواني.
لكن الذي يحزّ في النفس أن المتابع يرى الكثير من المواطنين كالواقفين على التلّ يترصدون الغلبة لمن تكون لكي يصطفوا معه قائلين له: نحن رهن اشارتك! رغم ان الكثير من الناشطين المدنيين والمتظاهرين يحثونهم على النزول الى ساحة التظاهر ومشاركة الجماهير عرس الانطلاقة الثورية نحو الأصلاح، واعادة مسار العملية السياسية الى درب الصواب بعد ملاحقة المستهترين بمقدرات الشعب وناهبي ثرواته. حيث ان الملاحظ على هؤلاء انهم حتى ان شارك البعض منهم فانّ مشاركته تجيء على استحياء كأنّ الأمر لا يعنيه من قريب أو بعيد.
المرأة البابلية في هذه التظاهرات العارمة حققت حضورا لافتا للأنتباه، حيث اصطفت الى جانب الرجل لتهتف مطالبة باقالة المفسدين ومحاكمتهم وملاحقة الأموال العراقية المهربة الى خارج البلاد، سواء عن طريق مطالبة المنظمات الدولية بوضع اليد على هذه الأموال وحجزها او بأية طريقة اخرى.
واذ نتحدث عن هذه التظاهرات والزخم الجماهيري المشارك بها، تجدر الأشارة الى انعدام التنسيق فيها الى حد ما. فالكراديس المشاركة فيها كل تطلق الشعارات المناسبة لتوجهاتها، محاولة الأستحواذ على الجو العام وتحقيق الحضور بالتنافس مع الجهات الأخرى. اضافة الى شيوع ظاهرة التقاط الصور من قبل اعداد كبيرة من المتظاهرين والانشغال بها ونسيان حالة التظاهر والمشاركة الفعلية.
كما تجدر الأشارة الى تنوع الشعارات التي أطلقت فيها وكثرتها، وقد اخترنا من بينها نماذج تدلل على ذلك: (بأسم الدين باكونا الحرامية)
- صادق مدلول (محافظ بابل) باطل
- مدحت المحمود باطل كل القضاة باطل
- كيزر ..كيزر
- اقالة المحافظ ومحاسبته
- عندما نثور نقلع الجذور
- تولد الزهور من التربة الخصبة والماء وتولد الحرية من فكر المبدعين ودماء الشرفاء.
- بعد متفيد سبحة وكصّة مجويّة ،شمس الشعب طلعت عالحرامية.
- نتظاهر من أجلكم .. ساندونا.
- فاسد لتصير .. من المظاهرات لتخاف.
- تعسا لكم ايها الفاسدون لقد أفسدتم علينا فرحتنا بأسقاط البعث المقبور.
أما المطالب الأساسية فقد كانت:
- تعديل الدستور
- اقالة المحافظ ومجلس المحافظة
- محاكمة جميع المفسدين
- اقالة قاضي المحكمة الأتحادية
- الغاء المحاصصة الحزبية والطائفية.
وهذا الأمر يتسبب في تشتيت وتشرذم المطالب الأساسية وضياعها تحت يافطات لشعارات غير موحدة ولا متجانسة مطلقا رغم انها تتشارك في هدف أساسي هو الأصلاح ومحاسبة المفسدين.
وبهذه المناسبة نود الأشارة الى ان اهم الأجراءات الواجب اتخاذها في هذه التظاهرات من قبل لجنة التنسيق المكلفة بالعمل على انجاحها هي :
- ان يصار الى مراقبة الشعارات المرفوعة في التظاهرة وتوحيدها وعدم السماح بأطلاقها كيفما كان.
- وضع اهداف مركزية للتظاهرة وعدم ترك الحبل على الغارب لكل من يريد أن يدلي بدلوه.
- توخي الحذر من العناصر المندسة والهادفة الى تشتيت التظاهرات وحرف مساراتها بأتجاه الأصطدام بالعناصر الأمنية، أو نحو تحزيبها بغية ابعاد الجماهير عن الأنخراط فيها.
- اضافة الى الأجراءات التفتيشية التي تقوم بها العناصر الأمنية تكليف جماعات من المتظاهرين بمراقبة الوضع الأمني وتوخي الحذر من الأندساس بين المتظاهرين.
وبودنا ان نشير الى ان هناك اصرارا لدى المتظاهرين على الأستمرار في تظاهراتهم الجماهيرية حتى تتحقق جميع المطالب الشعبية ،وتنفذ جميع خطوات الأصلاح التي أعلنت وغيرها من الأصلاحات الموعودة بأبعاد البلاد عن سطوة الفساد والمفسدين.