المنبرالحر

تشكيل مجلس الخدمة العامة خطوة إصلاحية مهمة / إبراهيم المشهداني

على إيقاع التظاهرات الجماهيرية الحاشدة المطالبة بتوفير الخدمات وخاصة خدمات الكهرباء المتعثرة واجتثاث الفساد وإصلاح النظام السياسي والقضائي ونهج الخطوات الاصلاحية الحكومية التي لم تتحدد ملامحها بشكل واضح وملموس وفق مقاربة الحراك الجماهيري التي عكستها التظاهرات الجماهيرية في معظم محافظات الوسط والجنوب، اعلنت الحكومة الاتحادية قرار تشكيل مجلس الخدمة الاتحادية العامة، مؤكدة ان الاشخاص الذين سيتولون ادارة المجلس سيكونون من المستقلين وذوي الخبرة والاختصاص ودعت الحكومة مجلس النواب إلى دعم المرشحين لشغل رئاسة المجلس وأعضائه انسجاما مع خطة الاصلاحات .
ومن الواضح ان قرار الحكومة هذا يأتي كخطوة مهمة على طريق الاصلاح ويأتي ايضا تنفيذا لقانون مجلس الخدمة رقم 4 لسنة 2009 المعدل ووضع نهاية لتعطل تنفيذ القانون الذي مرت عليه اكثر من ست سنوات قابعا في ادراج الحكومة التي لم تكن في وارد ان يكون المجلس مجردا من المحاصصة التي سار عليها النظام السياسي والتي بنيت على اساس توافقي لا ينسجم مع الدستور بل معطل له مع سبق الاصرار ، ما انتج عنه طبقة ادارية ينخرها الفساد وواهنة ازاء متطلبات التنمية الاقتصادية ، عملت طيلة الفترة ما بعد التغيير على ملء الجهاز الحكومي بعناصر تفتقر الى النزاهة والمؤهلات العلمية وناقصة الخبرة ما انعكس سلبيا على دور هذا الجهاز في تطوير نفسه بما ينسجم مع الاستراتيجيات الحكومية الاقتصادية والإدارية والاجتماعية والثقافية والتي ظلت تراوح في مكانها لهذا السبب بالإضافة الى دخول الكتل السياسية المتنفذة في سباق مع الزمن للاستحواذ على اكثر ما يمكن من الدرجات الوظيفية في جهاز الدولة من المقربين والمصفقين الذين حفظوا المعادلة عن ظهر قلب وأتقنوا طرق التسلل الى هذه الكتل وبالتالي الوصول الى المواقع الحساسة في الدولة حتى استطاعوا بناء ابراجهم العاجية وحصنوها بسياج من المنتفعين الامر الذي ادى الى استشراء الفساد والهدر المالي بشكل غير مسبوق وفي كافة المجالات مما وضع البلاد على اعتاب الهاوية التي تشهدها البلاد وتحول جهاز الدولة الاداري الى قاعدة انتخابية توصلها الى مواقع السلطة والقرار ، وبالفعل فقد وقع ما كان يخشى منه ان تتحول وزارات الدولة الى بيئة لتفريخ الفاشلين والفاسدين .
لقد لعب مجلس الخدمة العامة الذي الغي في سبعينات القرن الماضي ، دورا اساسيا في تغذية وزارات الدولة بالكفاءات المؤهلة علميا عبر الاختبارات التي كان يجريها المجلس كمعيار لتحديد الكفاءات المؤهلة في التعيينات والترقيات، إلا ان حزب البعث الحاكم انذاك اراد من الغاء هذه المؤسسة لإيصال اعضائه وأنصاره ومؤيديه الى وظائف الدولة وتوسيع قاعدته الحزبية من خلال احتكار الية التوظيف وبالفعل حقق جمهورا واسعا بين مزمر ومطبل ومهرج ، وهي الصورة ذاتها التي نراها اليوم كما رأيناها في ذلك العهد البغيض . ان اقتصادا متينا وتنمية مستدامة ترفع مستوى الانتاج المحلي الاجمالي وخدمات تلبي حاجات المواطنين في الكهرباء والصحة والتعليم والخدمات الاخرى ويستوعب الملايين من العاطلين المؤهلين ، لا يمكن ان يتحقق الا عبر جهاز اداري كفء قائم على العدالة في توزيع الدرجات الوظيفية وهذا بدوره لا يتحقق الا بسرعة تنفيذ قرار الحكومة بعيدا عن الانجرار الى قاعدة التوازن التي اتفق عليها الحاكمون والتي يطالب بها بعض النواب حاليا بعد صدور قرار الحكومة وكأن التوازن قدر لا يمكن الفرار منه دون ادنى اهتمام بمطالب المتظاهرين المطالبين باجتثاث الفساد من جذوره ، من هنا يتعين اعلان اسماء المرشحين لرئاسة المجلس وأعضائه بشفافية ، من اجل دعم قرار الحكومة شعبيا وعدم فسح المجال للمتصيدين في الماء العكر من وضع العصي في دولاب الاصلاح بحجج واليات خبيثة اتقنوا استخدامها من قبل في ايقاف عجلة الاصلاح .