المنبرالحر

الموازنة الاتحادية لعام 2016 في ملعب الحكومة فماذا اعدت لها ؟ / ابراهيم المشهداني

مشكلة العجز المالى التي تمر بها الموازنة الاتحادية ما تزال ماثلة امام الحكومة العراقية وهي تحاول البحث عن سبل سد هذا العجز بأقل الاضرار التي تعظم من التكاليف الاقتصادية ، وما صاحب ذلك من انتقادات لطرق الاقتراض من المؤسسات المالية العالمية ، خاصة وإن موازنة 2016 تأتي في نفس الظروف التي ادت الى تعاظم عجز ميزانية 2015 .
فاسعار البترول لا تزال منخفضة واقل بكثير مما تم تقديره في موازنة 2015 وان كافة التوقعات لأسعار النفط لعام 2016 لا تدعو الى التفاؤل بل ان هذه التوقعات تذهب الى ان العجز سيكون اكبر مما كان، لهذا فان الحكومة العراقية امام معضلة كبيرة تدعوها للبحث عن مصادر بديلة لتمويل الموازنة القادمة لاسيما وان المؤشرات والمعطيات الحالية تشير الى ان التدابير المتعلقة بزيادة الايرادات من المصادر المحلية غير النفطية مرتبكة ومحاطة بالضبابية سواء ما يتعلق بالضرائب بمختلف انواعها والرسوم على السلع والخدمات الاستهلاكية ورسوم الكمارك وجباية اجور بيع الطاقة الكهربائية كل ذلك ما يجعل امكانية تطوير مصادر مالية من غير النفط، غير مشجعة في السنة القادمة. ومن جهة اخرى تنحسر الموارد المالية المحلية في تمويل العجز من الودائع المصرفية الفائضة عن الائتمان وان الاقتراض من الجمهور ما زال في اولى خطواته لمحدودية الادوات المستخدمة لذا لا يمكن التعويل عليها، وثالثاً فان المتوفر من العملة الاجنبية لا يغطي حجم الاستيرادات الحكومية، والتزاماتها الخارجية. والتحويلات النقدية للعراقيين في الخارج ما زالت قليلة دون تطور يذكر، كما هو الحال في لبنان التي تشكل تحويلات اللبنانيين في الخارج نصف موارد الموازنة اللبنانية. زد على ذلك فان الموارد المتأتية من الاستثمارات الداخلية الناتجة عن قروض البنك المركزي لتطوير الانتاج في الصناعة والزراعة والإنشاءات للقطاع الخاص تحتاج الى وقت طويل لاستكمال دورة رأس المال. ولعل غياب الحسابات الختامية للسنوات الماضية كان من ابرز المؤاخذات على تلك الميزانيات وهذا لم يتم بمعزل عن التستر على حجم الفساد والتلاعب في المال العام رغم كثرة التبريرات مما يثير الكثير من التساؤلات عن كيفية انفاق الاموال عام 2014 حيث لا توجد موازنة مصادق عليها من مجلس النواب. كما ان التقديرات البرلمانية تؤشر الى ان العجز المالي في موازنة 2016 سيصل الى ضعف ما كان عليه في ميزانية 2015. من هنا يمكن القول ان موازنة هذا العام تواجه تحديات حقيقية لا يمكن التعامل معها بعدم الاكتراث واللامسئولية لهذا تتطلب حزمة من التحضيرات لكي تأخذ طريقها للنقاش ومن ثم الوصول الى اداة فاعلة لتطبيق سياسة مالية قادرة على الاسهام الحقيقي في عملية التنمية الاقتصادية والضغط على حجم العجز المالي في ظروف الازمة الاقتصادية الراهنة ومنها:
اتخاذ الاجراءات الفعالة في محاربة تهريب العملة الاجنبية الى خارج العراق من خلال الرقابة الشديدة على التداولات النقدية في القطاع المصرفي وإنزال اقصي العقوبات بالمضاربين بالعملة التي تؤدي الى ارتفاع سعر الدولار .
فرض الضرائب التصاعدية وفق معايير مالية دقيقة وتحسين ادوات الجباية بعيدا عن الطرق التقليدية المشوبة بالفساد وتفعيل دور الرقابة في هذا المجال ويشمل ذلك كل انواع الضرائب بما فيها ضريبة المهنة التي تتحول الى شكل من اشكال الاتاوة في الاسواق دون رقابة وضبط .
التأكيد على تنفيذ قانون التعرفة الكمركية رقم 22 لسنة 2010 كما يجري في كافة دول الجوار ليكون واحدا من مصادر التمويل البديلة في مواجهة انخفاض اسعار النفط والاسهام في سد العجز في الميزانية .
التشديد على ربط الحسابات الختامية مع الموازنة قبل ارسالها الى مجلس النواب وإلزام ديوان الرقابة المالية بانجازها في وقت مبكر ومغادرة التبريرات السابقة منعا للفساد الذي يصاحب عمليات الانفاق وأوجه الصرف .