المنبرالحر

مجرمون برواتب حكومية / ابراهيم الخياط

في كل مرة، يرجح (الخبراء) أن يكون وراء استهداف المصارف خطة لضرب الاقتصاد وتعطيل عمليات الإعمار، ويضيفون أن الاستهداف يفاقم مشاكلنا في البطالة وأزمة السكن وضعف الثقة في الاستثمار.
وعادة تأتي هذه التصريحات عندما تكشف القيادات الامنية حسب معلوماتها الاستخباراتية عن استهداف العصابات للأماكن الحيوية، وفي كل مرة يكون (عند المحللين) ترتيب المصارف خامسا على سلم الاماكن الحيوية في بغداد بعد السفارة الامريكية ومقري الحكومة والبرلمان وشبكة الاعلام العراقي.
ومعلوم أن المصارف هي هدف على كمية واحدة من سيل اللعاب للجماعات الارهابية ولعصابات الجريمة المنظمة على حد سواء، وغالبا مايتم اختيار منطقة ساخنة أو استدراج حارس أمن أو شراء ذمة موظف، فما بالك اذا كان جلّ العراق منطقة ساخنة، واذا كان عديد الحراس من أرباب السوابق، واذا كان بعض الموظفين أخطر من شبكات الاجرام.
فخلال عملية ذكرتها المواقع، وشاع ارتكاب مثيلاتها في المواسم العراقية بل أقمش منها، اقتحمت احدى العصابات مصرفا دسما، دخلوا وسحبوا الأقسام، ثم صرخوا بالموظفين والمراجعين ليخلقوا جوا "مثاليا" من الرعب، ولكن والحقيقة تقال كانوا على درجة عالية من المهنية فعندما إستلقت سيدة من هولها على احدى الطاولات، صرخوا في وجهها: "قومي، هذه عملية سرقة وليست إغتصابا!".
انتهت العملية بيسر، وعادت العصابة الى مخبئها، فبادر أحد أفرادها وهو ملتحق لتوه بالعصابة ويحمل شهادة دراسية فقال لزعيمه:
ـ عمي.. دعنا نحصي الاموال التي سرقناها.
نهره الزعيم، وأجابه: "أنت غبي! هذه كمية كبيرة من الأموال، والعدّ يرهقنا، الليلة سوف نعرف من نشرات الأخبار كم سرقنا من الأموال!"
في البنك، قال المدير العام لمدير الفرع: "إتصل بالشرطة بسرعة"، لكن مدير الفرع أجابه: "أستاذ، إنتظر ودعنا نأخذ 10 ملايين دولار ونضيفها الى الـ 70 مليون دولار التي قمنا بإختلاسها للمضاربة بها قبل مدة!".
في اليوم التالي، بثت الوكالات ان 100 مليون دولار تمت سرقتها من البنك (الفلاني)، فقام اللصوص بعدّ النقود مرة تلو أخرى، وفي كل مرة كانوا يجدون ان المبلغ هو 20 مليونا فقط.
وكما في الافلام، غضب اللصوص كثيرا، وقالوا نحن خاطرنا بحياتنا من أجل 20 مليونا بينما مدير البنك يحصل على 80 مليونا من دون أن تتسخ ملابسه حتى.. وغضب اللصوص ـ أيضا ـ على الخبراء والمحللين الذين دائما يرجحون أن يكون وراء استهداف المصارف خطة من قبل العصابات لضرب الاقتصاد العراقي وتعطيل عمليات الإعمار، يرجحون ولايعلمون أن العصابات ـ أحيانا ـ هم ممن يتسلمون رواتب حكومية.