المنبرالحر

إضراب عمال الميناء / عبد السادة البصري

في عام 1952 أصدرت الحكومة قراراً يقضي بزيادة رواتب الموظفين وإبقاء رواتب العمال كما هي ، ما دفع عمال الميناء ( المسفن) في البصرة أن يعلنوا إضراباً كبيراً عن العمل والقيام بمظاهرات عارمة. وقامت الشرطة على أثرها بالاشتباك معهم وإطلاق الرصاص الحي عليهم فسقط ثلاثة شهداء من العمال وعدد من الجرحى. وكان يقود المتظاهرين حينها عدد من الناشطين منهم محسن ملا علي وأحمد علي هيلك. بعد الاشتباك مع الشرطة وسقوط الشهداء تطورت التظاهرات والإضرابات ليشارك فيها مع المينائيين إخوانهم العمال في المؤسسات الحكومية الأخرى والكسبة وغيرهم ، وكان تشييع جثامين الشهداء أكبر تظاهرة امتدت من (المسفن ) في منطقة الجبيلة سائرة باتجاه ( الكراج) الموحد الذي كان وقتها مقابل ساحة أم البروم ، لتستمر أكثر من يوم بمشاركة كبيرة لطبقات المجتمع البصري كافة. ما اضطر الحكومة على أن تدخل في مفاوضات مع المتظاهرين وتنصاع لمطالبهم، ولتعود وتصدر قرارها بزيادة رواتب الموظفين والعمال على حد سواء.
ما أشبه الليلة بالبارحة، واليوم بالأمس، حيث أصدرت الحكومة قبل شهر وأكثر قرارها القاضي باقتطاع نسبة من رواتب الموظفين إضافة إلى قطع المخصصات كافة ما حدا بأساتذة الجامعات أن يتظاهروا ليتبعهم موظفو نفط الجنوب والمعلمون وغيرهم. لكن تظاهراتهم هذه لم تكن بمستوى تظاهرة عمال الميناء قبل 63 سنة. إذ أنهم يتظاهرون ساعة ثم يعودون إلى بيوتهم دون أدنى حل! وما زاد الطين بلة الحديث عن القرض الياباني القاضي برهن نفط البصرة لمدة (40 سنة) مقابل مبالغ تصرف هنا وهناك ، وبالتأكيد ستسرق وتُحَوَل إلى أرصدة لهذا وذاك في البنوك العالمية.
الموظفون والعمال البصريون والأساتذة الجامعيون والمعلمون وكل شرائح المجتمع عليهم أن يقفوا سداً منيعاً دون مرور هكذا قرارات ، وذلك بتعاضدهم وتظاهرهم وإضرابهم عن العمل بشكل كلي لحين الرضوخ الحقيقي إلى مطا ليبهم كافة ــ مثلما فعل إخوانهم عمال الميناء في ذلك الوقت ــ والقاضية بكشف الفساد ومحاسبة الفاسدين، وإعادة كل حق إلى نصابه ومراجعة قانون سلم الرواتب وتعديله، وإنقاذ البلد من الانهيار في مستنقع الإفلاس والأزمات المالية والاقتصادية، واعتماد سبل كفيلة بحلها عن طريق الاهتمام بتطوير الزراعة والصناعة والسياحة والتعليم والعمل بشكل جدي على ازدهارها، لا أن تظل مزارعنا أرضاً بوراً جرداء، ومعاملنا متوقفة يأكلها الصدأ والإهمال، وسياحتنا متدنية، وتعليمنا خارج كل القياسات التي تحت الصفر، ونظل نستورد الخضروات ومياه الشرب.