المنبرالحر

هل عادت حليمة؟ / مرتضى عبد الحميد

لم تنطلق فعاليات الحراك الجماهيري، وتظاهرات ساحة التحرير وبقية المدن والساحات العراقية بطراً، ولا رغبة في مناكدة أو إحراج الحكومة والبرلمان او القضاء «المستقل» لأنهم أصلاً محرجون أمام شعبهم، وبقية شعوب العالم، التي تنظر إلى هذه التظاهرات بمنظار الإعجاب والاستحسان. فهي تعرف جيداً طبيعة الأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية- الاجتماعية في العراق، والمستوى المتدني لأداء الدولة العراقية، بحيث وضعت في ذيل قائمة الدول الأكثر فشلاً وفساداً في العالم. ومع كل هذه المآسي والويلات، حافظ المتظاهرون من أبناء شعبنا على حضارية التظاهرات وسلميتها ومدنيتها، ولم تحصل تجاوزات تذكر، رغم الاستفزازات من قبل المندسين فيها، الذين تحركهم أياد باتت معروفة للجميع من المعادين للإصلاح، وكذلك الاستفزازات الأخرى من بعض العناصر الأمنية، ضيقة الصدر جهلاً أو تعصباً لأولياء نعمتهم من أعداء الإصلاح، أعداء الشعب.
ما حصل في الجمعتين الماضيتين، لا ينتمي بأي شكل من الأشكال إلى السجل الجميل لقواتنا الأمنية في المحافظة على امن المتظاهرين وحمايتهم، ورعايتهم، كما حصل في أيام التظاهر السابقة.
نعم، ربما من حق هذا القوات عدم السماح للمتظاهرين بالوصول إلى المنطقة الحرام «الخضراء» تنفيذاً لأوامر قياداتها، وتقديرها بعدم أمكانية الحفاظ على سلمية التظاهرات، وقد تحصل خروقات وصدامات، هم في غنى عنها. كذلك هم مكلفون بحماية القابعين في الخضراء، وقسم كبير منهم مسؤولون عن المآسي التي نعيشها يومياً، وأسهموا اسهامة «مبدعة» في افراغ خزينة الدولة، وإفقار قطاعات واسعة من الشعب العراقي. ولهذا يخافون من أي تحرك جماهيري، فضلاً عن تشبثهم بعقلية الفرهود، التي أطبقت على حواسهم وضمائرهم منذ زمن بعيد.
وهذا كله مفهوم، رغم انه غير مبرر. لكن من غير المفهوم ولا المقبول اطلاقاً، منع المتظاهرين من الوصول إلى الأماكن والساحات الأخرى، أو الاعتداء عليهم بالضرب، وإطلاق العيارات النارية حتى لو في الهواء، أو إسماعهم الكلمات النابية وغير المؤدبة، والأخطر من كل هذا اتهامهم بالإرهاب، والتلويح باعتقالهم وتعذيبهم.
أن هذه التسلكات والإجراءات القمعية، لا تمت بصلة لا الى الاخلاق، ولا الى الوطنية والمهنية، وهي تتناقض كلياً مع الدستور العراقي، الذي نص بشكل واضح لا لبس فيه، على ضمان حق التظاهر والتعبير عن الرأي بحرية وشفافية. هذا بالإضافة الى تصريحات العديد من المسؤولين، وفي مقدمتهم السيد العبادي المؤكدة على انهم مع المتظاهرين، ومع الاستمرار في تظاهراتهم السلمية المدنية، للضغط على صناع القرار السياسي، وإجبارهم على الالتفات الى حقوق ومصالح ومطالب الجماهير الغفيرة، المتلهفة للإصلاح الإداري والسياسي، ولانتشال العراق من الهاوية.
لنعمل جميعاً على أن لا تعود حليمة إلى عادتها القديمة، وعادتها معروفة للقاصي والداني.