المنبرالحر

هكذا وُضع الأسلآم في قفص الاتهام !! / حيدر سعيد

الفكر المبني على الأقصاء عن طريق العنف والدم الذي تبناه تنظيم القاعدة ومن ثم داعش ، لم يأت من فراغ بل نشأ في بيئة قائمة على ثقافة العنف والكراهية والحقد الطائفي البغيض ، مدعوماً من قبل انظمة اسلامية وغربية على حد سواء ، الاولى اتخذت من الشحن والتجييش الطائفي وما يرافقه من سفك لدماء الابرياء وتهديد حياتهم وامنهم ، طريقاً للوصول الى مراميها ومقاصدها ، يساندهم في ذلك مشايخ ملتحية وبهائم تدفع بتجهيل الناس وسلب ارادتهم ورهنها للمجهول ،همها ان تتصدى للفكر المتنور الديمقراطي الحر ، باذلةً في سبيل ذلك كل ماأُتيت من امكانية مادية وبشرية لدعم هذا الفكر المتطرف الدموي اللآنساني ، كل ذلك يتم تحت راية الدين الاسلامي !!يقابله على الطرف الآخر تصعيد للنهج الطائفي المضاد كما يجري في العراق وسوريا ،وبدل ان يتصدى له بفكر وطني ديمقراطي تتعزز من خلاله الهوية الوطنية بدل الهوية الفرعية الطائفية ، لعزله جماهيرياً ومن ثم القضاء عليه ،أنتهج المتنفذون نظام المحاصصة المقيت الذي كرس الطائفية ،وسهل الطريق امام فكر داعش الفاشي المبني على الفتنة الطائفية اساساً ،تحت راية الدفاع عن الاسلام وبناء دولة الخلافة الاسلامية المزعومة!!! لبث التفرقة بين ابناء الشعب العراقي ، من خلال الضرب على الوتر الطائفي التي هيئها له نظام المحاصصة الطائفي المقيت هذا.
هذا اوجد مناخاً غير صحي متشنجاً قلقاً بين ابناء الشعب الواحد ، قاد الى الأزمات والمخاطر وهيا الاجواء امام تنظيم داعش ان يتغلغل فكرياً وعسكرياً في العراق وسوريا باسم انشاء( دولة اسلامية ) ! تكون جماجم المواطنين وقوداً لنيرانها وهذا مايحصل اليوم في العراق وسوريا .
اما الثانية فهي ان ادارات الدول الكبرى وفي مقدمتها الأدارة الأمريكية ، التي تضع مصلحتها فوق أي اعتبار ،أطلقت العنان لتنظيم داعش أن ينمو ويتمدد ويتوسع على حساب الدماء الزكية لأبناء الشعبين العراقي والسوري، لأمر في نفس هذه الأدارة على وجه الخصوص ، الهدف منه استخدام هذا التنظيم ورقة ضاغطة تلوح بها ضد من يرفض شروط الطاعة ويذعن ، كما جرى مع تنظيم القاعدة ( الأب الروحي والفكري لتنظيم داعش الفاشي ) في افغانستان ، حيث اُستخدم ضد روسيا ( الأتحاد السوفيتي السابق ) لأخراجها من افغانسان ، هذه كانت المهمة الرئيسة لأمريكا ، والتي زودت على اساسها تنظيم القاعدة الفاشي الدموي كل مايطلبه من مال وعتاد وتدريب وخبراء وفتحت لهم مقرات عسكرية داخل افغانستان .وبعد ان خرج السوفيت حينها ، وتصلب عود هذا التنظيم وتوسعت امكانياته العسكرية والمالية ، بدأ يهدد ولي نعمته ( امريكا ) ويعصي اوامره ، فما كان من ادارات امريكا الا ان تقف بوجه هذا الطوفان الفكري الفاشي لترويضه ومن ثم ايقاف زحفه صوب البيت الأبيض !! ، خاصة بعد أحداث نيويرك البشعة ، وتوجيه بوصلة فكره الفاشي صوب بلدان الشرق الاوسط وخاصة تلك التي تنعم بخيرات كبيرة وفي مقدمتها( النفط ) فكانت نظرية( الفوضى الخلاقة ) والتي تعيش الشعوب العربية نتائجها الكارثية المرعبة ،
واليوم يتكرر السيناريو في العراق وسوريا ، وبنفس الفكر الدموي المتوحش الظلامي الأقصائي ، فقط بتغيير الاسم من القاعدة الى داعش ، وتقف وراءه نفس الدول الأسلامية والعربية والغربية التي دعمت القاعدة حينها ، بدافع المصالح والحقد الطائفي يدفعها الانتقام وسفك دماء الابرياء تحت( راية الأسلام ودولة الخلافة المزعومه) .
ان تشويه الأسلام كونه دين محبة ووئام وسلام وأخاء من قبل هذا التنظيم، هدفه معروف ومنهجه مقصود ، وهوأظهار الأسلام على انه دين الغزو وسفك الدماء وحرق كل ماهو حي وحضاري وانساني ، وهومايجري تجسيده اليوم من خلال أعمال هذا التنظيم وفكره الفاشي ، وتصديره الى الخارج بنفس الوسائل البربرية لقتل المدنيين الآمنين وارهابهم ، فما جرى في نيويرك سابقاً واليوم في فرنسا ولبنان ومصر والعراق وسوريا والطائرة الروسية ، يدلل على ان هذا التنظيم الفاشي يستهدف الجميع بدون استثناء ومن واجب الجميع ايقاف فكره الدموي واجتثاث وجوده مبعث الخطر الدائم للشعوب .
ان من وضع يده بيد هذا الفكر المتطرف الفاشي سواءاً بقصد اوغير قصد ، قد ساهم بتشويه صورة الأسلام ومبادئه الانسانية التي تؤكد على ( الناس سواسية كأسنان المشط ، لافرق بين عربي واعجمي الا بالتقوى، الأرض لمن يفلحها ، لو كان الفقر رجلاً لقاتلته بسيفي ، ماغنى احد الا على حساب جائع ....)
ان الدول الداعمة وخاصة الاسلامية منها لهذا الفكر الظلامي الفاشي في فترة معينة عليها ان تعيد حساباتها وتقيًم مواقفها بمراجعة نقدية ، لأنقاذ الأسلام عما لحق به من تشويه على يدي هذا التنظيم الدموي البربري ، اذا كان الأسلام يهمها كمباديء انسانية تدعو للسلم والمحبة والتعاون واحقاق الحق والوقوف بوجه الظالمين والفاسدين والمنافقين، وذلك من خلال حملة ثقافية واسعة يشترك فيها كل المخلصين لأوطانهم المتضررة من جرائم هذا التنظيم والتي تدرك مخاطره المستقبلية على شعوبهم .والا فان الأسلام سيوضع في قفص الاتهام وانتم المسؤولون عما سيلحق به من تشويه على ايدي هذا التنظيم الظلامي الفاشي المعروف بداعش .