المنبرالحر

فصل الجنسين ام توحيدهما؟ / طه رشيد

يتندر بعض العراقيين على بعض المغالين في "التدين" الذين يمنعون خلط الخيار مع الطماطة في سلال أسواق جميلة بدعوى ان الخيار ذكر والطماطة انثى! ولأن نيات هذا المغالي سيئة الى درجة أنه يعتقد أن فساداً اخلاقياً سيحدث بين الخضراوات!
هذه النكتة السمجة ذكرني بها كتاب المفتش العام في وزارة التربية في 3/6/2015 والموجه إلى المديرية العامة للتربية في محافظة بغداد، الذي يذكر فيه بطريقة تخلو من اية ملامح تربوية، ما يعتقده فسادا ( وجود فساد أخلاقي في معهد الفنون الجميلة المسائي للبنات) معتمدا في ذلك على شكاوي من أناس لا يرون في الحديث الودي بين أستاذ وطالبة أو بين طالب واستاذته إلا خروجا على الدين والأخلاق. ورأى المفتش العام أن ( تواجد الكادر التدريسي مع الطالبات في الممرات والصفوف أثناء وقت الاستراحة) هو تجلي واضح للفساد الاخلاقي!
وعلى هذا الأساس وضع لكتابه عنوان ( توحيد جنس) بينما المطلوب منه فصل الجنسين، أي أن يتم نقل الأساتذة الذكور في معهد البنات إلى معهد الذكور والشيء نفسه للمدرسات اللائي يعملن في معهد الذكور، حيث يتم نقلهن إلى معهد البنات .. فماذا كان رد فعل الطلبة؟ لقد انتفضوا ضد هذا القرار الداعشي وكتبوا لافتات خطت عليها كلمات كان من المفروض أن يتراجع المسؤول امامها عن قراره سيء الصيت حالا. نعم، الطلاب كتبوا « لا تفصلوا امهاتنا عنا « والمدرسات صرخن «لا تبعدوا ابناءنا عنا». فعن أي فساد أخلاقي يتحدثون؟!
الإعلام الخارجي يصور العراق وكأنه يقف على حافة هاوية من القتل والاغتيالات والفساد والمفخخات ، ولم يستطع الإعلام الرسمي مواجهة ذلك الإعلام المغرض. ثم يأتي المسؤول التربوي ليتصرف بطريقة غير تربوية ويعطي المبرر الواضح والاكيد للقول أننا نحث الخطى نحو دولة لا تختلف عن دولة « طالبان « إلا في الاسم.
لقد كانت المدارس الابتدائية مختلطة وما زالت الجامعات والمعاهد مختلطة، فلماذا هذه الحرب الغبية على صرح فني ومركز إشعاع تنويري، وهو معهد الفنون الجميلة المسائي؟
ان التغيير الذي تسعى إليه رئاسة الحكومة تساندها المرجعية وتظاهرات شرائح عديدة من مجتمعنا العراقي، يصبو الى عراق مدني متطور وقائم على المساواة بين الجنسين، وهو ما يقره الدستور أيضا.
فهيهات أن تكون بغداد مثل قندهار يا سيادة المفتش العام التربوي ويا وزارة التربية! وان ابناءنا أكثر حرصا على الأخلاق مما يتصور المشتكون على علاوي جميلة!