المنبرالحر

الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية لقطاع التجارة الداخلية / ابراهيم المشهداني

تشكل التجارة الداخلية بنية اساسية في الاقتصاد العراقي ، لدورها في زيادة القيمة المضافة الى مجموع قيم الاقتصاد الكلي فضلا عن اهميتها في الناتج المحلي الاجمالي وكذلك دورها في استيعاب العمالة العراقية والحفاظ على الامن الغذائي ، غير انها تواجه العديد من التحديات التوزيعية واللوجستية والخزنية وتحديات ناتجة عن الفوضى في القطاعات الاقتصادية الاخرى.
وتعد وزارة التجارة لاعبا أساسيا في تنظيم حركة التجارة الداخلية ومراقبتها والعمل على ايجاد الحلول والمعالجات للمشاكل الاساسية التي تجابهها بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة وخاصة القطاع الخاص حيث كانت الحكومة تسيطر على 75 في المائة من التجارة الخارجية قبل التغيير ولهذا اقامت عددا كبيرا من الاسواق المركزية التي وفرت لمنتسبي الدولة كافة ما يحتاجونه من البضائع الاستهلاكية بأسعار محددة تتناسب مع مستوى دخل منتسبي الدولة، لكنها أهملت ومن جراء ذلك فقدت الدولة أسواقا مهمة وأبنية مصممة بشكل خاص لعرض وبيع السلع الاستهلاكية.
لقد أفرزت لنا المسوحات الاحصائية التي اجراها الجهاز المركزي للإحصاء بعضا من البيانات التي تعكس واقع حركة التجارة الداخلية واختلافها بين المدينة والريف من حيث عدد المنشآت التجارية وحجم العاملين فيها من الجنسين ففي عام 2013 تبين احصاءات وزارة التخطيط، ان عدد المنشآت التجارية قد بلغ 621698 منشاة 84 في المائة منها في المدينة و16في المائة في الريف مما يشير الى ضعف الخدمات التسويقية في الريف ويعود السبب في ذلك الى عدة عوامل منها تردي الطاقة الكهربائية وسوء طرق المواصلات والهجرة من الريف الى المدينة وخاصة في مدن بغداد ونينوى والبصرة ، كما تشير الاحصاءات الى ان عدد العاملين في هذا القطاع يزيد على المليون ، 95 في المائة منهم من الذكور و5 في المائة من الاناث وهذا الفارق بين الجنسين يعود إلى أسباب اجتماعية ومؤهلاتية كما تشير الى ان معدل رواتب العاملين لا يزيد عن 350 الف دينار وان نسبة العاملين من الاحداث كبيرة ، ما يتعارض مع قوانين العمل النافذة .
إن من ما يؤخذ على حركة التجارة الداخلية الطرق البدائية في الخزن وانتشارها بشكل واسع في المناطق السكنية مما ادى الى ضعف الادارة الخزنية وغياب الشروط الصحية في عملية الخزن، ما يترتب عليه تعرض البضائع الى التلف وبالتالي تعرض الامن الغذائي الى الانتهاك وانعكاساته على حياة المواطنين وارتفاع اسعار بيع الدور والشقق وارتفاع قيمة الايجارات .من كل ما تقدم يتعين على الحكومة تشديد المراقبة على السوق واتخاذ حزمة من الاجراءات لتدعيم هذا القطاع الحيوي وضبط حركة اسعاره كي يكون رافدا في عملية التنمية والارتقاء بحياة الناس المعيشية وضمان غذائهم وصحتهم ، نذكر منها ما يلي:
- تفعيل دور وزارة التجارة ووزارة الداخلية ووزارة التخطيط من خلال الاجهزة المتخصصة فيهما لمراقبة حركة السوق التجارية ومحاربة الاحتكار ودراسة امكانية الاستفادة من بنايات الاسواق المركزية السابقة وإعادة الحياة اليها وتجهيزها بما هو ضروري ونافع من سلع الاستهلاك .
- وضع نظام خزني متطور تتوفر فيه الشروط الصحية وفق نظم ادارة الجودة المطبقة في معظم دول العالم ، كي تكون المخازن حافظة للسلع في ظروف الاستقرار وحالات الطوارئ في آن.
- تنظيم انسيابية الحركة التجارية بين المحافظات العراقية لتكون السلع والبضائع متوفرة في كافة الاوقات وينطبق على القطاعين العام والخاص ،وذلك يتطلب اقامة شبكة من الطرق البرية وسكك حديد وإصلاح هذه الطرق وإدامتها .
- وكإجراء سريع ولو كان مؤقتا ايجاد القنوات التوزيعية الضرورية لتجهيز النازحين بالبضائع والسلع الضرورية من مأكل ومشرب وملابس وكل ما يحتاجه النازح من اجل بقائه حيا في كافة ايام السنة توطئة لعودتهم الى محل سكنهم .
- اصدار التشريعات وتفعيل القوانين النافذة التي تساعد على تحصين المخزون السلعي ومحاسبة المتسببين بإتلاف الغذاء والدواء وهدر المنتجات النفطية او التلاعب بكمياتها في القطاعين العام والخاص.