المنبرالحر

إلى متى تبقى أموال العراق منهوبة؟ / أحمد الغانم

يحكى ان فلاحا اراد ان يشتري بقرة يتدبر بها معيشته وعائلته، لكونهم يعانون من ظروف بائسة وصعبة. فطرق مسامعه يومها خبر مفاده ان احدهم يرغب ببيع بقرته. لم يكذب الفلاح خبرا فحزم امره للوقوف على مواصفات البقرة، وحالاتها، قبل أن يشتريها، هل هي حلوب وغير مريضة؟ واتفق على ان يذهب إلى صاحب البقرة صباح اليوم التالي برفقة زوجته لتعاينها وتتأكد من إدرارها الحليب.
في صباح اليوم التالي، ذهب الفلاح وزوجته إلى صاحب البقرة، فقامت الزوجة بحلب البقرة، ولاحظت انها مصابة بالجفاف، ولا تدر الحليب. فيما مالكها يشاهد الحال، وينسج في خياله افكارا حتى لا يتراجع الفلاح عن الشراء، فاهتدى إلى القول: «يا جماعة يمكن العجل فاك ارباطه وراضعها!».
تذكرنا تلك الحكاية بالنهب الذي طال موازنات العراق المالية من دون حسابات ختامية، ومن دون رادع قانوني وواعز أخلاقي، حتى أوصلنا متصدرو المشهد السياسي الى أزمة مالية، وعللوها بانخفاض أسعار النفط، لينتهجوا سياسة التقشف التي تحمل أعباءها المواطن البسيط، من دون العمل على استرداد تلك الأموال المنهوبة.
لم تقيد السراق أي قوانين، ولم تؤنبهم ضمائرهم، والأدهى من ذلك انهم لم يتعرضوا لملاحقات قانونية، لا من هيئة النزاهة ولا من القضاء والوزارات الأمنية، والغريب أيضا، وبحسب ما قرأناه وشاهدناه على وسائل الإعلام، صدور أحكام بحق البعض ممن سولت لهم انفسهم بالتجاوز على المال وسرقته، من دون تضمين تلك الأحكام بفقرة تأمر باسترداد الاموال المنهوبة من قبلهم.
إننا على يقين أن القضاء العادل لا يغفل فقرة استرداد الاموال من سارقيها، لأن هذا الأمر يعد مشكلة كبيرة لها انعكاساتها على عملية الحفاظ على الاموال التي تقدر بالمليارات، والتي هرب الكثير منها خارج الوطن.
وكانت آخر فضائح الفساد، تلك التي تضمنتها الوثائق التي تركها الراحل احمد الجلبي لدى جهات متعددة، والتي كشفت عن قيام بعض الجهات بتهريب أموال العراق وبيع الدولارات.
ونبقى في تساؤل دائم، هل ستبقى تلك الأموال لدى ناهبيها؟ أم ستعود إلى الوطن لينعم بها أبناؤه؟