المنبرالحر

رسائل جاسم المطير (52) إلى السيد رئيس جامعة البصرة / مع التحية

في غمار التحول عام 2003 من النظام الدكتاتوري إلى النظام الديمقراطي تهاوت بعض القيم السوداء وظهرت قيم اخرى. يمكن القول ان التحول في كثير من جوانبهِ كان معتما . باسم الحرية جرى ويجري انتهاكٌ، بأقلام فيها ظلام تسقيط الشخصيات الوطنية الديمقراطية بحمم الاتهامات والاكاذيب ونثر هواء التشهير الفاسد حولهم وحول تاريخهم النضالي من خلال دخان وثرثرة بعض الصحافة او الفضائيات الغافلة لأصول الحرية والديمقراطية.
لكن الشيء الذي أراه مؤسفاً للغاية ان تصل رائحة اساليب التشهير والتسقيط من الشارع الى رسالة ماجستير بعنوان ( جرائم الحرس القومي) في كلية البنات – قسم التاريخ، انسابت في أروقة جامعة البصرة المعروفة برصانتها العلمية .
كانت احدى صفحات رسالة ماجستير قد تسربت إليها معلومة غير نظيفة ،غير علمية ،غير موثقة، غرزت ابرة تسقيط سمعة وتاريخ مناضل من أهل البصرة كان التعذيب الوحشي قد أغرقه في زنزانة انفرادية بمقرات الحرس القومي في البصرة لمدة ثمانية اشهر ليأتي (باحث) فيحرق هذه السمعة والتاريخ ببضعة سطور لا توثيق فيها ولا تدقيق لها ،بل انها سُربت من أحدهم لأغراض شخصية .
انكم، يا رئيس الجامعة، تعرفون حق المعرفة أن (التشهير) بأي إنسان عن طريق إلصاق التهم والمواقف غير الموثقة حتى بأبسط وسائل التوثيق هي (جريمة) بنظر القانون في كل دولة من الدول التي تحترم القانون. كما أن هذه الجريمة لا تسقط بالتقادم. فلا توجد مؤسسة جامعية في العالم اجمع تسمح لنفسها أو لموظفيها أو لمنتسبيها أو لكادرها أو للدارسين فيها انتهاك سمعة من سار في درب الحرية وواصل التضحيات من اجل وجودها منذ أكثر من 65 عاماً من النضال والسجون والتهجير والتعذيب والغربة عن الوطن ، ثم يأتي من يسمح لحامل معلومة زائفة يقدمها لباحث بغرض الانتقام الشخصي.
تعلمون ،ايها السيد رئيس الجامعة، أنه لا يكفي وجود (قانون) في أي دولة لتكون معروفة بأنها (دولة قانون) .أننا ، جميعاً، نعلم انه ما من دولة في العالم إلا وفيها قوانين، لكن ليست كلها تحترم حقوق الانسان وتطبق المبادئ الاساسية منها. الشيء المهم أن يكون فيها من يدافع عن احترام القانون وتطبيقه . أول المدافعين هم الجامعيون المتنورون، الذين يملكون عيوناً مفتوحة على الحق وعقولاً مترعة بحب الحقيقة وتدقيق مصادرها، خاصة وان من المعروف، أيضاً، أن الحياة تعجّ بأنواعٍ من الكائنات البشرية. في الكائنات البشرية ، كما تعلمون، من يحمل قلباً داكناً يقتات على نشر سمومهِ، تماماً، كما حصل لمواطنٍ بصراويٍ اصيلٍ بتاريخهِ السياسي وبنضالهِ الوطني حيث قام أحد خصومه بتسريب معلومة مسيئة مغرضة الى بحث علمي – تاريخي المفترض أن لا يلطخ نفسه بالأغراض الشخصية ، التي حوّلت الجريمة الى ثلاثية الابعاد اخلاقية – ثقافية – علمية ، في البحث المشار إليه قبل سطور.
اتمنى منكم ،أيها السيد رئيس الجامعة، أن تبادروا بيديكم المعطاءتين للاطلاع على ما جاء بصفحة 145 من رسالة الماجستير المذكورة وتطلعوا على معلومة منزوعة من أي بحث عن حقيقتها أو تدقيقها ، بل هي مجرد كلمات (مسموعة) من قبل الباحث بثها في تلك الصفحة بالرغم من خطورتها على سمعة إنسان وتاريخه ونضاله .
صحيح أن الباحث أدان (جرائم سرية) ارتكبها الحرس القومي في دراسته، لكنه ارتكب (جريمة علنية) بحق أحد ضحايا هذا الحرس ، حين اعتمد على افتراء احد المفترين غير الموثوقين . مكان الجريمة الجديدة كان في قاعة من قاعات جامعة البصرة. الجريمة الجديدة اعتمدت على انعدام ضمير (مخبر سري) للتشهير بموقف مناضل صمدَ بوجه معتقليه وسالخي جلده ، مما جعل الباحث يخجل من نفسه حين اكتشف حقيقة تزييف ( المخبر السري) . .
ادعوكم الى المبادرة في الاطلاع على صفحة (الجريمة الجديدة) ولا يكلفكم هذا الاطلاع غير بضع دقائق من وقتكم الثمين حفاظاً على سمعة جامعة البصرة لكي ينمو فيها علم البحث والدراسة على اسس راقية ومرموقة وتنظيفها من كل شكل من اشكال الاتربة والاغبرة ، كي يمكنكم اتخاذ الاجراء الاداري والعلمي القادرين على جعل شواطئ الجامعة نظيفة من الاغراض الشخصية واعادة الاعتبار والحقوق الانسانية والنضالية لضحية هذه الجريمة البشعة.
آمل أن لا يلف هذه الرسالة ظلام الاهمال الاداري في هذا الدهر الحانق وأن يكون بوسعكم الهتاف بنصرة (حقوق انسان) ضاعت في هذه (الدراسة) المبتعدة في الصفحة الخامسة والاربعين بعد المائة ابتعاداً كلياً عن الحقيقة .
بانتظار وميض اجراء حاسم تعيدون فيه الحق والعدل إلى نصابهما وتنصفون فيه (العلم ) الذي شوهته اغراض شخصية غير شريفة..
لكم التحية والتقدير.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بصرة لاهاي في 1 – 1 – 2016